إليه سيبويه والسماع يشهد له، وإما بشر الإضافة ليكون المضاف سادا مسدها كما ذهب إليه الفراء وهو كما قال أبو حيان مذهب مرجوح، والذي حسن الحذف هنا المشاكلة، والآية ظاهرة في أنه كان في الأمم السالفة صلاة وزكاة وهو مما تضافرت عليه النصوص إلا أنهما ليسا كالصلاة والزكاة المفروضتين على هذه الأمة المحمدية على نبيها أفضل الصلاة وأكمل التحية * (وكانوا لنا) * خاصة دون غيرنا * (عابدين) * لا يخطر ببالهم غير عبادتنا كأنه تعالى أشار بذلك إلى أنهم وفوا بعهد العبودية بعد أن أشار إلى أنه سبحانه وفى لهم بعهد الربوبية.
* (ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التى كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين) *.
* (ولوطا) * قيل هو منصوب بمضمر يفسره قوله تعالى: * (ءاتيناه) * أي وآتينا لوطا آتيناه والجملة عطف على * (وهبنا له) * جمع سبحانه إبراهيم ولوطا في قوله تعالى: * (ونجيناه ولوطا) * ثم بين ما أنعم به على كل منهما بالخصوص وما وقع في البين بيان على وجه العموم. والطبرسي جعل المراد من قوله تعالى: * (وكلا) * الخ أي كلا من إبراهيم وولديه إسحاق. ويعقوب جعلنا الخ فلا اندراج للوط عليه السلام هناك وله وجه، وأما كون المراد وكلا من إسحاق ويعقوب فلا وجه له ويحتاج إلى تكليف توجيه الجمع فيما بعده، وقيل باذكر مقدرا وجملة * (آتيناه) * مستأنفة * (حكما) * أي حكمة، والمراد بها ما يجب فعله أو نبوة فإن النبي حاكم على أمته أو الفصل بين الخصوم في القضاء، وقيل حفظ صحف إبراهيم عليه السلام وفيه بعد * (وعلما) * بما ينبغي علمه للأنبياء عليهم السلام * (ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث) * قيل أي اللواطة، والجمع باعتبار تعدد المواد، وقيل المراد الأعمال الخبيثة مطلقا إلا أن أشنعها اللواطة، فقد أخرج إسحاق بن بشر. والخطيب: وابن عساكر عن الحسن قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر خصال عملتها قوم لوط بها أهلكوا إتيان الرجال بعضهم بعضاف ورميهم بالجلاهق والخذف ولعبهم بالحمام وضرب الدفوف وشرب الخمور وقص اللحية وطول الشارب والصفر والتصفيق ولباس الحرير وتزيدها أمتي بحلة إتيان النساء بعضهن بعضا ".
وأسند ذلك إلى القرية على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فالنعت سببي نحو جاءني رجل زنى غلامه، ولو جعل الإسناد مجازيا بدون تقدير أو القرية مجازا عن أهلها جاز، واسم القرية سدوم، وقيل كانت قراهم سبعا فعبر عنها ببعضها لأنها أشهرها. وفي " البحر " أنه عبر عنها بالواحدة لاتفاق أهلها على الفاحشة ويروى أنها كلها قلبت إلا زغر لأنها كانت محل من آمن بلوط عليه السلام، والمشهور قلب الجميع.
* (إنهم كانوا قوم سوء فاسقين) * أي خارجين عن الطاعة غير منقادين للوط عليه السلام، والجملة تعليل لتعمل الخبائث، وقيل: لنجيناه وهو كما ترى.
* (وأدخلناه فى رحمتنآ إنه من الصالحين) *.
* (وأدخلناه في رحمتنا) * أي في أهل رحمتنا أي جعلناه في جملتهم وعدادهم فالظرفية مجازية أو في جنتنا فالظرفية حقيقية والرحمة مجاز كما في حديث الصحيحين قال الله عز وجل للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي؛ ويجوز أن تكون الرحمة مجازا عن النبوة وتكون الظرفية مجازية أيضا فتأمل * (أنه من الصالحين) * الذين سبقت لهم منا الحسنى، والجملة تعليل لما قبلها.
ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم) *.
* (ونوحا) * أي واذكر نوحا أي نبأه عليه السلام، وزعم ابن عطية أن نوحا عطف على لوطا المفعول لآتينا على معنى وآتينا نوحا ولم يستبعد ذلك أبو حيان وليس بشيء، قيل ولما ذكر سبحانه * (قصة إبراهيم) * عليه السلام وهو أبو العرب أردفها جل شأنه بقصة أبي البشر وهو الأب الثاني كما أن آدم عليه السلام الأب الأول بناء على المشهور من