أو لعالمين، وأن يكون بدلا من موضع * (من قبل) * وأن ينتصب بإضمار أعني أو اذكر، وبدأ بذكر الأب لأنه كان الأهم عنده عليه السلام في النصيحة والانقاذ من الضلال.
والظاهر أنه عليه السلام قال له ولقومه مجتمعين: * (ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون) * أراد عليه السلام ما هذه الأصنام إلا إنه عبر عنها بالتماثيل تحقيرا لشأنها فإن التمثال الصورة المصنوعة مشبهة بمخلوق من مخلوقات الله تعالى من مثلت الشيء بالشيء إذا شبهته به، وكانت على ما قيل صور الرجال يعتقدون فيهم وقد انقرضوا، وقيل كانت صور الكواكب صنعوها حسبما تخيلوا، وفي الإشارة إليها بما يشار به القريب إشارة إلى التحقير أيضا، والسؤال عنها بما التي يطلب بها بيان الحقيقة أو شرح الاسم من باب تجاهل العارف كأنه لا يعرف أنها ماذا وإلا فهو عليه السلام محيط بأن حقيقتها حجر أو نحوه، والعكوف الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم له، وقيل اللزوم والاستمرار على الشيء لغرض من الأغراض وهو على التفسيرين دون العبادة ففي اختياره عليها إيماء إلى تفظيع شأن العبادة غاية التفظيع، واللام في * (لها) * للبيان فهي متعلقة بمحذوف كما في قوله تعالى: * (للرؤيا تعبرون) * (يوسف: 43) أو للتعليل فهي متعلقة بعاكفون وليست للتعدية لأن عكف إنما يتعدى بعلى كما في قوله تعالى: * (يعكفون على أصنام لهم) * (الأعراف: 138) وقد نزل الوصف هنا منزلة اللازم أي التي أنتم لها فاعلون العكوف.
واستظهر أبو حيان كونها للتعليل وصلة * (عاكفون) * محذوفة أي عاكفون على عبادتها، ويجوز أن تكون اللام بمعنى على كما قيل ذلك في قوله تعالى: * (وإن أسأتم فلها) * وتتعلق حينئذ بعاكفون على أنها للتعدية.
وجوز أن يؤول العكوف بالعبادة فاللام حينئذ كما قيل دعامة لا معدية لتعديه بنفسه ورجح هذا الوجه بما بعد، وقيل لا يبعد أن تكون اللام للاختصاص والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع خبرا و * (عاكفون) * خبر بعد خبر، وأنت تعلم أن نفي بعده مكابرة. ومن الناس من لم يرتض تأويل العكوف بالعبادة لما أخرج ابن أبي شيبة. وعبد بن حميد. وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي. وابن المنذر. وابن أبي حاتم. والبيهقي في الشعب عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه مر على قوم يلعبون بالشطرنج فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون لأن يمس أحدكم جمرا حتى يطفى خير له من أن يمسها، وفيه نظر لا يخفى، نعم لا يبعد أن يكون الأولى إبقاء العكوف على ظاهره، ومع ذلك المقصود بالذات الاستفسار عن سبب العبادة والتوبيخ عليها بالطف أسلوب ولما لم يجدوا ما يعول عليه في أمرها التجؤا إلى التشبث بحشيش التقليد المحض حيث.
* (قالوا وجدنآ ءابآءنا لها عابدين) *.
* (قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين) * وأبطل عليه السلام ذلك على طريقة التوكيد القسمي حيث.
* (قال لقد كنتم أنتم وءابآؤكم فى ضلال مبين) *.
* (قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم) * الذين وجدتموهم كذلك * (في ضلال) * عجيب لا يقادر قدره * (مبين) * ظاهر بين بحيث لا يخفى على أحد من العقلاء كونه ضلالا لاستنادكم وأياهم إلى غير دليل بل إلى هوى متبع وشيطان مطاع، و * (أنتم) * تأكيد للضمير المتصل في * (كنتم) * ولا بد منه عند البصريين لجواز العطف على مثل هذا الضمير، ومعنى كنتم في ضلال مطلق استقرارهم وتمكنهم فيه لا استقرارهم الماضي الحاصل قبل زمان الخطاب المتناول لهم ولآبائهم، وفي اختيار * (في ضلال) * على ضالين ما لا يخفى من المبالغة في ضلالهم، وفي الآية دليل على أن الباطل لا يصير حقا بكثرة المتمسكين به.
* (قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين) *.
* (قالوا) * لما سمعوا مقالته عليه السلام استبعادا