انتهى؛ والإشارة مثلها في قوله:
هذا أبو الصقر فردا في محاسنه * من نسل شيبان بين الضال والسلم فيكون في ذلك نوع بيان للاتخاذ هزوا، وقوله تعالى: * (وهم بذكر الرحمان هم كافرون) * في حيز النصب على الحالية من ضمير القول المقدر؛ والمعنى أنهم يعيبون عليه عليه الصلاة والسلام أن يذكر آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء والحال أنهم بالقرآن الذي أنزل رحمة كافرون فهم أحقاء بالعيب والإنكار، فالضمير الأول مبتدأ خبره * (كافرون) * وبه يتعلق * (بذكر) * وقدم رعاية للفاصلة وإضافته لامية، والضمير الثاني تأكيد لفظي للأول، والفصل بين العامل والمعمول بالمؤكد وبين المؤكد والمؤكد بالمعمول جائز، ويجوز أن يراد * (بذكر الرحمن) * توحيده على أن ذكر مصدر مضاف إلى المفعول أي وهم كافرون بتوحيد الرحمن المنعم عليهم بما يستدعي توحيده والايمان به سبحانه، وأن يراد به عظته تعالى وإرشاده الخلق بإرسال الرسل وإنزال الكتب على أنه مصدر مضاف إلى الفاعل، وقيل المراد بذكر الرحمن ذكره صلى الله عليه وسلم هذا اللفظ وإطلاقه عليه تعالى، والمراد بكفرهم به قولهم ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمانة فهو مصدر مضاف إلى المفعول لا غير وليس بشيء كما لا يخفى.
وجعل الزمخشري الجملة حالا من ضمير * (يتخذونك) * أي يتخذونك هزوا وهم على حال هي أصل الهزء والسخرية وهي الكفر بذكر الرحمن. وسبب نزول الآية على ما أخرج ابن أبي حاتم عن السدي أنه صلى الله عليه وسلم مر على أبي سفيان. وأبي جهل وهما يتحدثان فلما رآه أبو جهل ضحك وقال لأبي سفيان: هذا نبي بني عبد مناف فغضب أبو سفيان فقال: ما تنكر أن يكون لبني عبد مناف نبي فسمعها النبي صلى الله عليه وسلم فرجع إلى أبي جهل فوقع به وخوفه وقال: ما أراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك الوليد بن المغيرة وقال لأبي سفيان: أما أنك لم تقل ما قلت إلا حمية، وأنا أرى أن القلب لا يثلج لكون هذا سببا للنزول والله تعالى أعلم.
* (خلق الإنسان من عجل سأوريكم ءاياتى فلا تستعجلون) *.
* (خلق الإنسان من عجل) * هو طلب الشيء وتحريه قبل أوانه، والمراد بالإنسان جنسه جعل لفرط استعجاله وقلة صبره كأنه مخلوق من نفس العجل تنزيلا لما طبع عليه من الأخلاق منزلة ما طبع منه من الأركان إيذانا بغاية لزومه له وعدم انفكاكه عنه، وقال أبو عمرو. وأبو عبيدة. وقطرب: في ذلك قلب والتقدير خلق العجل من الإنسان على معنى أنه جعل من طبائعه وأخلاقه للزومه له، وبقذلك قرأ عبد الله وهو قلب غير مقبول، وقد شاع في كلامهم في مثل ذلك عند أرادة المبالغة فيقولون لمن لازم اللعب أنت من لعب، ومنه قوله: وإنا لمما يضرب الكبش ضربة * على رأسه يلقى اللسان من الفم وقيل بالمراد بالإنسان النضر بن الحرث لأن الآية نزلت فيه حين استعجل العذاب بقوله: * (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر) * (الأنفال: 32) الخ، وقال مجاهد: وسعيد بن جبير. وعكرمة. والسدي. والضحاك. ومقاتل. والكلبي: المراد به آدم عليه السلام أراد أن يقوم قبل أن يتم نفخ الروح فيه وتصل إلى رجليه، وقيل خلقه الله تعالى في آخر النهار يوم الجمعة فلما أجرى الروح في عينيه ولسانه ولم يبلغ أسفله قال: يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس وروى ذلك عن مجاهد، وقيل: المراد أنه خلق بسرعة على غير ترتيب خلق بنيه