تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٧ - الصفحة ١٥٥
بنصب عورة ونظير ذلك قوله: إن الذي حانت بفلج دماؤهم * هم القوم كل القوم يا أم مالك وقوله: ابني كليب أن عمي اللذا * قتلا الملوك وفككا الأغلالا وقرأ ابن مسعود. والأعمش * (والمقيمين الصلاة) * بإثبات النون ونصب الصلاة على الأصل، وقرأ الضحاك * (والمقيم الصلاة) * بالإفراد والإضافة * (ومما رزقناهم ينفقون) * في وجوه الخير ومن ذلك إهداء الهدايا التي يغالون فيها.
* (والبدن جعلن‍اها لكم من شع‍ائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صوآف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا الق‍انع والمعتر كذالك سخرن‍اها لكم لعلكم تشكرون) *.
* (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله) * أي من أعلام دينه التي شرعها الله تعالى، والبدن جمع بدنة وهي كما قال الجوهري. ناقة أو بقرة تنحر بمكة. وفي " القاموس " هي من الإبل والبقر كالأضحية من الغنم تهدي إلى مكة وتطلق على الذكر والأنثى وسميت بذلك لعظم بدنها لأنهم كانوا يسمنونها ثم يهدونها، وكونها من النوعين قول معظم أئمة اللغة وهو مذهب الحنفية فلو نذر نحر بدنة يجزئه نحر بقرة عندهم وهو قول عطاء. وسعيد بن المسيب، وأخرج عبد بن حميدة وابن المنذر عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما لا تعلم البدن إلا من الإبل والبقر.
وفي " صحيح مسلم " عن جابر رضي الله تعالى عنه كنا ننحر البدنة عن سبعة فقيل والبقرة فقال: وهل هي إلا من البدن، وقال صاحب البارع من اللغويين: إنها لا تطلق على ما يكون من البقر، وروي ذلك عن مجاهد. والحسن وهو مذهب الشافعية فلا يجزى عندهم من نذر نحر بدنة نحر بقرة، وأيد بما رواه أبو داود عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة " فإن العطف يقتضي المغايرة وفيما يأتي آخرا تأييد لذلك أيضا، والظاهر أن استعمال البدنة فيما يكون من الإبل أكثر وإن كان أمر الإجزاء متحدا.
ولعل مراد جابر بقوله في البقرة وهل هي إلا من البدن أن حكمها حكمها وإلا فيبعد جهل السائل بالمدلول اللغوي ليرد عليه بذلك، ويمكن أن يقال فيما روي عن ابن عمر: أن مراده بالبدن فيه البدن الشرعية، ولعله إذا قيل باشتراكها بين ما يكون من النوعين يحكم العرف أو نحوه في التعيين فيما إذا نذر الشخص بدنة ويشير إلى ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة. وعبد بن حميد عن يعقوب الرياحي عن أبيه قال: أوصى إلى رجل وأوصى ببدنة فأتيت ابن عباس فقلت له: إن رجلا أوصى إلي وأوصى ببدنة فهل تجزى عني بقرة؟ قال: نعم ثم قال: ممن صاحبكم؟ فقلت: من رياح قال: ومتى اقتنى بنور رياح البقر إلى الإبل وهم صاحبكم إنما البقر لأسد. وعبد القيس فتدبر.
وقرأ الحسن. وابن أبي إسحاق. وشيبة. وعيسى * (البدن) * بضم الباء والدال، قيل وهو الأصل كخشب وخشبة وإسكان الدال تخفيف منه، ورويت هذه القراءة عن نافع. وأبي جعفر.
وقرأ ابن أبي إسحاق أيضا بضم الباء والدال وتشديد النون فاحتمل أن يكون اسما مفردا بنى على فعل كعتل واحتمل أن يكون التشديد من التضعيف الجائز في الوقف وأجرى الوصل مجرى الوقف، والجمهور على نصب * (البدن) * على الاشتغال أي وجعلنا البدن جعلناها، وقرىء بالرفع على الابتداء، وقوله تعالى: * (لكم) * ظرف متعلق بالجعل، و * (من شعائر الله) * في موضع المفعول الثاني له، وقوله تعالى: * (لكم فيها خير) * أي نفع في الدنيا وأجر في الآخرة كما روي عن ابن عباس. وعن السدي الاقتصار على الأجر جملة مستأنفة مقررة لما قبلها.
* (فاذكروا اسم الله عليها) * بأن تقولوا عند ذبحها بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك. وقد أخرج ذلك
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»