تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٧ - الصفحة ١٤٤
الحال أي مشاة جمع راجل كقيام جمع قائم.
وقرأ ابن أبي اسحق * (رجالا) * بضم الراء والتخفيف وروي ذلك عن عكرمة. والحسن. وأبي مجاز، وهو اسم جمع لراجل كطؤار لطائر أو هو جمع نادر، وروي عن هؤلاء. وابن عباس. ومحمد بن جعفر. ومجاهد رضي الله تعالى عنهم * (رجالا) * بالضم والتشديد على أنه جمع راجل كتاجر وتجار، وعن عكرمة أنه قرأ * (رجالى) * كسكارى وهو جمع رجلان أو راجل، وعن ابن عباس. وعطاء. وابن حدير مثل ذلك إلا أنه شددوا الجيم. وقوله تعالى: * (وعلى كل ضامر) * عطم على * (رجالا) * أي وركبانا على كل بعير مهزول أتعبه بعد الشقة فهزله أو زاد هزاله، والضامر يطلق على المذكر المؤنث، وعدل عن ركبانا الأخصر للدلالة على كثرة الآتين من الأماكن البعيدة.
وفي الآية دليل على جواز المشي والركوب في الحج، قال ابن العربي: واستدل علماؤنا بتقديم * (رجالا) * على أن المشي أفضل، وروي ذلك عن ابن عباس فقد أخرج ابن سعد. وابن أبي سيبة. والبيهقي. وجماعة أنه قال: ما آسى على شيء فاتني إلا أني لم أحج ماشيا حتى أدركني الكبر أسمع الله تعالى يقول: * (يأتوك رجالا وعلى كل ضامر) * فبدأ بالرجال قبل الركبان، وفي ذلك حديث مرفوع فقد أخرج ابن سعد. وابن مردويه. وغيرهما عنه أنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها راحلته سبعين حسنة وللماشي بكل قدم سبعمائة حسنة من حسنات الحرم قيل: يا رسول الله وما حسنات الحرم؟ قال: الحسنة مائة ألف حسنة " وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد أن إبراهيم. واسمعيل عليهما السلام حجا وهما ماشيان.
وقال ابن الفرس: واستدل بعضهم بالآية على أنه لا يجب الحج على من في طريقه بحر ولا طريق له سواه لكونه لم يذكر في الآية. وتعق بأنه استدلال ضعيف لأن مكة ليست على بحر وإنما يتوصل إليها على إحدى الحالين مشي أو ركوب، وأيضا في دلالة عدم الذكر على عدم الوجوب نظر، وقوله تعالى: * (يأتين) * صفة لضامر أو لكل، والجمع باعتبار المعنى كأنه قيل وركبانا على ضوامر يأتين، و * (كل) * هنا للتكثير لا للإحاطة وما قيل من أنها إذا أضيفت لنكرة لم يراع معناها إلا قليلا ردوه بهذه الآية ونظائرها، وكذا ما قيل إنه يجوز إذا كانا في جملتين لأن هذه جملة واحدة.
وجوز أبو حيان أن يكون الضمير شاملا لرجال و * (كل ضامر) * والجملة صفة لذلك على معنى الجماعات والرفاق. وتعقب بأنه يلزمه تغليب غير العقلاء عليهم وقد صرحوا بمنعه. نعم قرأ عبد الله. وأصحابه. والضحاك. وابن أبي عبلة * (يأتون) * واعتبار التغليب فيه على بابه، والمشهور جعل الضمير لرجالا وركبانا فلا تغليب، وجوز جعل الضمير للناس والجملة استئنافية * (من كل فج) * أي طريق كما روي عن ابن عباس ومجاهد. وقتادة. والضحاك: وأبي العالية، وهو في الأصل شقة يكتنفها جبلان ويستعمل في الطريق الواسع وكأنهم جردوه عن معنى السعة لأنه لا يناسب هنا بل لا يخلو من خلل * (عميق) * أي بعيد وبه فسره الجماعة أيضا، وأصله البعيد سفلا وهو غير مناسب هنا.
وقرأ ابن مسعود (معيق) قال الليث: يقال عميق ومعيق لتميم وأعمقت البئر وأمعقتها وقد عمقت ومعقت عماقة ومعاقة وهي بعيدة العمق والمعق.
* (ليشهدوا من‍افع لهم ويذكروا اسم الله فىأيام معلوم‍ات على ما رزقهم من بهيمة الانعام فكلوا منها وأطعموا البآئس الفقير) *.
* (ليشهدوا) * متعلق بيأتوك، وجوز أبو البقاء تعلقه - بأذن - أي
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»