تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٧ - الصفحة ١٦٦
سبحانه * (فكيف كان نكير) * (الحج: 44) أو مرفوع على الابتداء وجملة * (أهلكناها) * خبره أي فكثير من القرى أهلكناها، واختار هذا أبو حيان قال: الأجود في إعراب * (كأين) * أن تكون مبتدأ وكونها منصوبة بفعل مضمر قليل.
وقرأ أبو عمرو. وجماعة * (أهلكتها) * بتاء المتكلم على وفق * (فأمليت للكافرين) * ثم أخذتهم ونسبة الإهلاك إلى القرى مجازية والمراد إهلاك أهلها، ويجوز أن يكون الكلام بتقدير مضاف، وقيل: الإهلاك استعارة لعدم الانتفاع بها بإهلاك أهلها، وقوله تعالى: * (وهي ظالمة) * جملة حالية من مفعول أهلكنا، وقوله تعالى: * (فهي خاوية) * عطف على * (أهلكناها) * فلا محل له من الإعراب أو محله الرفع كالمعطوف عليه، ويجوز عطفه على جملة * (كأين) * الخ الاسمية واختاره بعضهم لقضية التشاكل، والفاء غير مانعة بناء على ترتب الخواء على الإهلاك لأنه على نحو زيد أبوك فهو عطوف عليك، وجوز عطفه على الجملة الحالية، واعترض بأن خواءها ليس في حال إهلاك أهلها بل بعده، وأجيب بأنها حال مقدرة ويصح عطفها على الحال المقارنة أو يقال هي حال مقارنة أيضا بأن يكون إهلاك الأهل بخوائها عليهم، ولا يخفى أن كلا الجوابين خلاف الظاهر، والخوار إما بمعنى السقوط من خوى النجم إذا سقط، وقوله تعالى: * (على عروشها) * متعلق به، والمراد بالعروش السقوف، والمعنى فهي ساقطة حيطانها على سقوفها بأن تعطل بنيانها فخرت سقوفها ثم تهدمت حيطانها فسقطت فوق السقوف، وإسناد السقوط على العروش إليها لتنزيل الحيطان منزلة كل البنيان لكونها عمدة فيه، وإما بمعنى الخلو من خوت الدار تخوى خواء إذا خلت من أهلها، ويقال: خوى البطن يخوي خوى إذا خلا من الطعام، وجعل الراغب أصل معنى الخواء هذا وجعل خوى النجم من ذلك فقال: يقال خوى النجم وأخوى إذا لم يكن منه عند سقوطه مطر تشبيها بذلك فقوله تعالى: * (على عروشها) * إما متعلق به أو متعلق بمحذوف وقع حالا، و * (على) * بمعنى مع أي فهي خالية مع بقاء عروشها وسلامتها، ويجوز على تفسير الخواء بالخلو أن يكون * (على عروشها) * خبرا بعد خبر أي فهي خالية وهي على عروشها أي قائمة مشرفة على عروشها على أن السقوف سقطت إلى الأرض وبقيت الحيطان قائمة وهي مشرفة على السقوف الساقطة، وإسناد الإشراف إلى الكل مع كونه حال الحيطان لما مر آنفا * (وبئر معطلة) * عطف على * (قرية) * والبئر من بأرت أي حفرت وهي مؤنثة على وزن فعل بمعنى مفعول وقد تذكر على معنى القليب وتجمع على أبار وآبار وأبؤر وأأبر وبيار، وتعطيل الشيء إبطال منافعه أي وكم بئر عامرة في البوادي تركت لا يسقى منها لهلاك أهلها. وقرأ الجحدري. والحسن. وجماعة * (معطلة) * بها لتخفيف من أعطله بمعنى عطله.
* (وقصر مشيد) * عطف على ما تقدم أيضا أي وكم قصر مرفوع البنيان أو مبنى بالشيد بالكسر أي الجص أخليناه عن ساكنيه كما يشعر به السياق ووصف البئر بمعطلة قيل، وهذا يؤيد كون معنى * (خاوية على عروشها) * خالية مع بقاء عروشها، وفي " البحر " ينبغي أن يكون * (بئر. وقصر) * من حيث عطفهما على * (قرية) * داخلين معها في حيز الإهلاك مخبرا به عنهما بضرب من التجوز أي وكم بئر معطلة وقصر مشيد أهلكنا أهلهما.
وزعم بعضهم عطفهما على * (عروشها) * وليس بشيء، وظاهر التنكير فيهما عدم إرادة معين منهما، وعن ابن عباس أن البئر كانت لأهل عدن من اليمن وهي الرس، وعن كعب الأحبار أن القصر بناه عاد الثاني.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»