أو أهداه لغنى ضمنه. وفي الهداية يستحب له أن يأكل من هدى التطوع والمتعة والقران وكذا يستحب أن يتصدق على الوجه الذي عرف في الضحايا وهو قول بنحو ما يقتضيه كلام ابن عطية في كلا الأمرين. وأباح مالك الأكل من الهدى الواجب الأجزاء الصيد والأذى والنذر، وأباحه أحمد إلا من جزاء الصيد والنذر، وعند الحسن الأكل من جميع ذلك مباح وتحقيق ذلك في كتب الفقه * (كذلك) * أي مثل ذلك التسخير البديع المفهوم من قوله تعالى: * (صواف) * * (سخرناها لكم) * مع كمال عظمها ونهاية قوتها فلا تستعصى عليكم حتى إنكم تأخذونها منقادة فتعقلونها وتحبسونها صافة قوائمها ثم تطعنون في لباتها ولولا تسخير الله تعالى لم تطق ولم تكن بأعجز من بعض الوحوش التي هي أصغر منها جرما وأقل قوة وكفى ما يتأبد من الإبل شاهدا وعبرة.
وقال ابن عطية: كما أمرناكم فيها بهذا كله سخرناها لكم ولا يخفى بعده * (لعلكم تشكرون) * أي لتشكروا أنعامنا عليكم بالتقرب والإخلاص.
* (لن ينال الله لحومها ولا دمآؤها ولاكن يناله التقوى منكم كذالك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين) *.
* (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها) * أي لن يصيب رضا الله تعالى اللحوم المتصدق بها ولا الدماء المهراقة بالنحر من حيث أنها لحوم ودماء * (ولكن يناله التقوى منكم) * ولكن يصيبه ما يصحب ذلك من تقوى قلوبكم التي تدعوكم إلى تعظيمه تعالى والتقرب له سبحانه والإخلاص له عز وجل.
وقال مجاهد: أراد المسلمون أن يفعلوا فعل المشركين من الذبح وتشريح اللحم ونصبه حول الكعبة ونضحها بالدماء تعظيما لها وتقربا إليه تعالى فنزلت هذه الآية، وروي نحوه عن ابن عباس. وغيره. وقرأ يعقوب. وجماعة * (لن تنال. ولكن تناله) * بالتاء. وقرأ أبو جعفر الأول بالتاء والثاني بالياء آخر الحروف، وعن يحيى بن يعمر. والجحدري أنهما قرأا بعكس ذلك. وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما * (لن ينال. ولكن يناله) * بالبناء لما يسم فاعله في الموضعين * (ولحومها ولا دماءها) * بالنصب * (كذلك سخرها لكم) * كرره سبحانه تذكيرا للنعمة وتعليلا له بقوله تعالى: * (لتكبروا الله) * أي لتعرفوا عظمته تعالى باقتداره على ما لا يقدر عليه غيره عز وجل فتوحدوه بالكبرياء، وقيل: أي لتقولوا الله أكبر عند الإحلال أو الذبح * (على ما هداكم) * أي على هدايته وإرشاده إياكم إلى طريق تسخيرها وكيفية التقرب بها، فما مصدرية، وجوز أن تكون موصوفة وأن تكون موصولة والعائد محذوف، ولا بد أن يعتبر منصوبا عند من يشترط في حذف العائد المجرور أن يكون مجرورا بمثل ما جر به الموصول لفظا ومعنى ومتعلقا، و * (على) * متعلقة بتكبروا لتضمنه معنى الشكر أو الحمد كأنه قيل: لتكبروه تعالى شاكرين أو حامدين على ما هداكم، وقال بعضهم: على بمعنى اللام التعليلية ولا حاجة إلى اعتبار التضمين، ويؤيد ذلك قول الداعي على الصفا: الله أكبر على ما هدانا والحمد لله تعالى على ما أولانا، ولا يخفى أن لعدم اعتبار التضمين هنا وجها ليس فيما نحن فيه فافهم * (وبشر المحسنين) * أي المخلصين في كل ما يأتون ويذرون في أمور دينهم. وعن ابن عباس هم الموحدون.
ومن باب الإشارة في الآيات: * (يا أيها الناس اتقوا ربكم) * بالإعراض عن السوي وطلب الجزاء * (إن زلزلة الساعة) * (الحج: 1) وهي مبادىء القيامة الكبرى * (يوم ترونها تذهل كل مرضعة) * وهي مواد الأشياء فإن لكل شيء مادة ملكوتية ترضع رضيعها من الملك وتربيه في مهد الاستعداد * (وتضع كل ذات حمل) * وهي الهيولات