تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ٢١٩
* (ومكانا) * على ما قال أبو علي مفعول ثان لأجعل، وقيل: بدل أو عطف بيان، والموعد في الجواب اسم زمان ومطابقة الجواب من حيث المعنى فإن يوم الزينة يدل على مكان مشتهر باجتماع الناس يومئذ فيه أو هو اسم مكان أيضا ومعناه مكان وقوع الموعود به لا مكان لفظ الوعد كما توهم ويقدر مضاف لصحة الإخبار أي مكان يوم الزينة والمطابقة ظاهرة، وقيل: الموعد في الأول مصدر إلا أنه حذف منه المضاف أعني مكان وأقيم هو مقامه ويجعل * (مكانا) * تابعا للمقدر أو مفعولا ثانيا؛ وفي الثاني إما اسم زمان ومعناه زمان وقوع الموعود به لا لفظ الوعد كما يرشد إليه قوله: قالوا الفراق فقلت موعده غد والمطابقة معنوية وإما اسم مكان، ويقدر مضاف في الخبر والمطابقة ظاهرة كما سمعت، وإما مصدر أيضا ويقدر مضافان أحدهما في جانب المبتدأ والآخر في جانب الخبر أي مكان وعدكم مكان يوم الزينة وأمر المطابقة لا يخفى، وقيل: يقدر في الأول مضافان أي مكان إنجاز وعدكم أو مضاف واحد لكن تصير الإضافة لأدنى ملابسة، والأظهر تأويل المصدر بالمفعول وتقدير مضاف في الثاني أي موعودكم مكان يوم الزينة وهو مبني على توهم باطل أشرنا إليه، وقيل: هو في الأول والثاني اسم زمان و * (لا نخلفه) * من باب الحذف والإيصال والأصل لا نخلف فيه و * (مكانا) * ظرف لا جعل وإلى هذا أشار في " الكشف " فقال: لعل الأقرب مأخذا أن يجعل المكان مخلفا على الاتساع والطباق من حيث المعنى أو المعنى اجعل بيننا وبينك في مكان سوى منصف زمان وعد لا نخلف فيه فالمطابقة حاصلة لفظا ومعنى و * (مكانا) * ظرف لغو انتهى.
واعترض بما لا يخفى رده على من أحاط خبرا بأطراف كلامنا. وأنت تعلم أن الاحتمالات في هذه الآية كثيرة جدا والأولى منها ما هو أوفق بجزالة التنزيل مع قلة الحذف والخلو عن نزع الخف قبل الوصول إلى الماء فتأمل.
وقرأ الحسن. والأعمش. وعاصم في رواية. وأبو حيوة. وابن أبي عبلة. وقتادة. والجحدري، وهبيرة. والزعفراني * (يوم الزينة) * بنصب * (يوم) * وهو ظاهر في أن المراد بالموعد المصدر لأن المكان والزمان لا يقعان في زمان بخلاف الحدث، أما الأول فلأنه لا فائدة فيه لحصوله في جميع الأزمنة؛ وأما الثاني فلأن الزمان لا يكون ظرفا للزمان ظرفية حقيقية لأنه يلزم حلول الشيء في نفسه، وأما مثل ضحى اليوم في اليوم فهو من ظرفية الكل لأجزائه وهي ظرفية مجازية وما نحن فيه ليس من هذا القبيل كذا قيل وفيه منع ظاهر.
وقيل: إنه يستدل بظاهر ذلك على كون الموعد أولا مصدرا أيضا لأن الثاني عين الأول لإعادة النكرة معرفة، وفي " الكشف " لعل الأقرب مأخذا على هذه القراءة أن يجعل الأول زمانا، والثاني مصدرا أي وعدكم كائن يوم الزينة.
والجواب مطابق معنى دون تكلف إذ لا فرق بين زمان الوعد يوم كذا رفعا وبين الوعد يوم كذا نصبا في الحاصل بل هو من الأسلوب الحكيم لاشتماله على زيادة، وقوله تعالى: * (وأن يحشر الناس ضحى) * عطف على الزينة، وقيل: على يوم، والأول أظهر لعدم احتياجه إلى التأويل، وانتصب * (ضحى) * على الظرف وهو ارتفاع النهار ويؤنث ويذكر، والضحاء بفتح الضاد ممدود مذكر، وهو عند ارتفاع النهار الأعلى.
وجوز على القراءة بنصب * (يوم) * أن يكون * (موعدكم) * مبتدأ بتقدير وقت مضاف إليه على أنه من باب أتيتك خفوق النجم، والظرف متعلق به و * (ضحى) * خبره على نية التعريف فيه لأنه ضحى ذلك اليوم بعينه
(٢١٩)
مفاتيح البحث: المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»