داع شرعي، وقد صح في حديث الهجرة أنه صلى الله عليه وسلم لما قيل له ممن القوم؟ قال: من ما فظن السائل إن ما اسم قبيلة ولم يعن صلى الله عليه وسلم إلا أنهم خلقوا من ماء دافق، وقد يقال للصوفي: إن أنا الخضر مع ظهور الخوارق لا تيقن منه أن القائل هو الخضر بالمعنى المتبادر في نفس الأمر لجواز أن يكون ذلك القائل ممن هو فإن فيه لاتحاد المشرب، وكثيرا ما يقول الفاني في شيخه أنا فلان ويذكر اسم شيخه، وأيضا متى وقع من بعضهم قول: أنا الحق وما في الجبة إلا الله لم يبعد أن يقع أنا الخضر، وقد ثبت عن كثير منهم نظما ونثرا قول: أنا آدم أنا نوح أنا إبراهيم أنا موسى أنا عيسى أنا محمد إلى غير ذلك مما لا يخفى عليك وذكروا له محملا صحيحا عندهم فليكن قول: أنا الخضر ممن ليس بالخضر على هذا الطرز، ومع قيام هذا الاحتمال كيف يحصل اليقين؟ وحسن الظن لا يحصل منه ذلك. وعن السابع: بأنا لا نسلم اجتماعه بجهلة العباد الخارجين عن الشريعة ولا يلتفت إلى قولهم فالكذابون الدجالون يكذبون على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم فلا يبعد أن يكذبوا على الخضر عليه السلام ويقولوا قال وجاء إنما القول باجتماعه بأكابر الصوفية والعباد المحافظين على الحدود الشرعية فإنه قد شاع اجتماعه بهم حتى أن منهم من طلب الخضر مرافقته فأبى، وروى ذلك عن علي الخواص رحمة الله تعالى عليه في سفر حجه، وسئل عن سبب آبائه فقال: خفت من النقص في توكلي حيث اعتمدت على وجوده معي.
وتعقب بأن اجتماعه بهم واجتماعهم به يحتمل أن يكون من قبيل ما يذكرونه من اجتماعهم بالنبي صلى الله عليه وسلم واجتماعه عليه الصلاة والسلام بهم، وذلك أن الأرواح المقدسة قد تظهر متشكلة ويجتمع بها الكاملون من العباد، وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم رأى موسى عليه السلام قائما يصلي في قبره ورآه في السماء ورآه يطوق بالبيت.
وادعى الشيخ الأكبر قدس سره الاجتماع مع أكثر الأنبياء عليهم السلام لا سيما مع إدريس عليه السلام فقد ذكر أنه اجتمع به مرارا وأخذ منه علما كيرا بل قد يجمع الكامل بمن لم يولد بعد كالمهدي، وقد ذكر الشيخ الأكبر أيضا اجتماعه مه، وهذا ظاهر عند من يقول: إن الأزل والأبد نقطة واحدة والفرق بينهما بالاعتبار عند المتجردين عن جلابيب أبدانهم، ولعل كثرة هذا الظهور والتشكل من خصوصيات الخضر عليه السلام، ومع قيام هذا الاحتمال لا يحصل يقين أيضا بأن الخضر المرئي موجود في الخارج كوجود سائر الناس فيه كما لا يخفى.
ومما يبني على اجتماعه عليه السلام بالكاملين من أهل الله تعالى بعض طرق إجازتنا بالصلاة البشيشية فإني أرويها من بعض الطرق عن شيخي علاء الدين علي أفندي الموصلي عن شيخه ووالده صلاح الدين يوسف أفندي الموصلي عن شيخه خاتمة المرشدين السيد علي البندينجي عن نبي الله تعالى الخضر عليه السلام عن الولي الكامل الشيخ عبد السلام بن بشيش قدس سره. وعن الثامن: بأنا لا نسلم أن القول بعدم إرساله صلى الله عليه وسلم إليه عليه السلام كفر، وبفرض أنه ليس بكفر هو قول باطل إجماعا، ونختار أنه أتى وبايع لكن باطنا حيث لا يشعر به أحد؛ وقد عده جماعة من أرباب الأصول في الصحابة، ولعل عدم قبول روايته لعدم القطع في وجوده وشهوده في حال رؤيته وهو كما ترى. وعن التاسع: بأنه مجازفة في الكلام فإنه من أين يعلم نفي ما ذكره من حضور الجهاد وغيره عن الخضر عليه السلام مع أن العالم بالعلم اللدني لا يكون مشتغلا إلا بما علمه الله تعالى في كل مكان وزمان بحسب ما يقتضي الأمر والشأن. وتعقب بأن النفي مستند إلى عدم الدليل فنحن نقول به