تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٥ - الصفحة ٢٨٠
قال عمرو بن ميمون: قلت لأبي هريرة: لا حول ولا قوة إلا بالله فقال: لا إنها في سورة الكهف ولولا إذ دخلت " الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن مرة قال: " إن من أفضل الدعاء قول الرجل ما شاء الله "، وأخرج أبو يعلى. وابن مردويه. والبيهقي في الشعب عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أنعم الله تعالى على عبد نعمة في أهل أو مال أو ولد فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله إلا دفع الله تعالى عنه كل آفة حتى تأتيه منيته وقرأ لولا إذ دخلت " الخ.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أنس قال: من رأى شيئا من ماله فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يصب ذلك المال آفة أبدا وقرأ الآية، وأخرجه البيهقي في الشعب عن أنس مرفوعا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطرف قال: كان مالك إذا دخل بيته يقول: ما شاء الله قلت لمالك: لم تقول هذا؟ قال: ألا تسمع الله تعالى يقول: * (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله) * ونقل عن ابن العربي أن مالكا يستدل بالآية على استحباب ما تضمنته من الذكر لكل من دخل منزله.
وأخرج سعيد بن منصور. وابن أبي حاتم. والبيهقي في الشعب عن عروة أنه كان إذا رأى من ماله شيئا يعجبه أو دخل حائطا من حيطانه قال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله ويتأول قول الله تعالى: * (ولولا إذ دخلت) * الآية، ويفهم من بعض الروايات استحباب قول ذلك عند رؤية ما يعجب مطلقا سواء كان له أو لغيره وإنه إذا قال ذلك لم تصبه عين الإعجاب * (إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا) * الخ * (أنا) * توكيد للضمير المنصوب على المفعولية في * (ترني) * وقد أقيم ضمير الرفع مقام ضمير النصب، والرؤية إن كانت علمية فأقل مفعول ثان وإن كانت بصرية فهو حال من المفعول، ويجوز أن يكون * (أنا) * فصلا وحينئذ يتعين أن تكون الرؤية علمية لأن الفصل إنما يقع بين مبتدأ وخبر في الحال أو في الأصل.
وقرأ عيسى بن عمر * (أقل) * بالرفع فيكون * (أنا) * مبتدأ و * (أقل) * خبره والجملة في موضع المفعول الثاني على الأول من احتمالي الرؤية أو الحال على الثاني منهما و * (مالا وولدا) * تمييز على القراءتين وما فيهما من الاحتمال، وقوله:
* (فعسى ربى أن يؤتين خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السمآء فتصبح صعيدا زلقا) * * (فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك) * قائم مقام جواب الشرط أي إن ترن كذلك فلا بأس عسى ربي الخ، وقال كثير: هو جواب الشرط، والمعنى إن ترني أفقر منك فأنا أتوقع من صنيع الله تعالى أن يقلب ما بي وما بك من الفقر والغنى فيرزقني لإيماني جنة خيرا من جنتك ويسلبك بكفرك نعمته ويخرب جنتك، وقيد بعضهم هذا الإيتاء بقوله: في الآخرة، وقال آخر: في الدنيا أو في الآخرة، وظاهر ما ذكر أنه في الدنيا كالإرسال في قوله: * (ويرسل عليها حسبانا من السماء) * أي عذابا كما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس. وأخرج الطستي عنه أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى: * (حسبانا) * فقال: نارا وأنشد له قول حسان: بقية معشر صبت عليهم * شآبيب من الحسبان شهب وأخرج ذلك ابن أبي شيبة. وابن أبي حاتم عن الضحاك أيضا، وقال الزمخشري: هو مصدر كالبطلان والغفران بمعنى الحساب والمراد به المحسوب والمقدر أي مقدرا قدره الله تعالى وحسبه وهو الحكم بتخريبها، والظاهر أن إطلاقه على الحكم المذكور مجاز. والزجاج جعل الحسبان بمعنى الحساب أيضا إلا أنه قدر مضافا
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»