تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٥ - الصفحة ٢٧٧
الحكمة بدون إفراط ولا تفريط، ونصب * (رجلا) * على ما قال أبو حيان على الحال وهو محوج إلى التأويل.
وقال الحوفي: نصب على أنه مفعول ثان لسوى، والمراد ثم جعلك رجلا، وفيه على ما قيل تذكير بنعمة الرجولية أي جعلك ذكرا ولم يجعلك أنثى.
والظاهر أن نسبة الكفر بالله تعالى إليه لشكه في البعث وقوله: * (ما أظن الساعة قائمة) * (الكهف: 36) والشاك في البعث كما في " الكشف " كافر من أوجه الشك في قدرته تعالى وفي أخباره سبحانه الصدق وفي حكمته ألا ترى إلى قوله عز وجل * (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) * (المؤمنون: 115) وهذا هو الذي يقتضيه السياق لأن قوله: * (أكفرت) * الخ وقع ردا لقوله: * (ما أظن الساعة قائمة) * (الكهف: 36) ولذلك رتب الإنكار بخلقه من تراب ثم من نطفة الملوح بدليل البعث وعليه أكثر المفسرين ونوقشوا فيه.
وقال بعضهم: الظاهر إنه كان مشركا كما يدل عليه قول صاحبه تعريضا به * (ولا أشرك بربي أحدا) * (الكهف: 38) وقوله: * (يا ليتني لم أشرك بربي أحدا) * (الكهف: 42) وليس في قوله: * (إن رددت إلى ربي) * (الكهف: 36) ما ينافيه لأنه على زعم صاحبه كما مر مع أن الإقرار بالربوبية لا ينافي الإشراك فعبدة الأصنام مقرون بها وهم مشركون فالمراد بقوله: * (أكفرت) * أأشركت اه‍، وسيأتي إن شاء الله تعالى بعض ما يتعلق به.
وقرأ ثابت البناني وحمل ذلك على التفسير كنظائره المتقدمة ويلك أكفرت.
* (لكن هو الله ربى ولا أشرك بربى أحدا) * * (ل‍اكنا هو الله ربي) * أصله لكن أنا وقد قرأ به أبي. والحسن، وحكى ابن عطية ذلك عن ابن مسعود فنقل حركة همزة أنا إلى نون لكن فحذفت الهمزة ثم حذفت الحركة ثم ادغمت النون في النون، وقيل حذفت الهمزة مع حركتها ثم أدغم أحد المثلين في الآخر وهو أقرب مسافة إلا أن الحذف المذكور على خلاف القياس، وقد جاء الحذف والإدغام في قوله: وترمينني بالطرف أي أنت مذنب * وتقلينني لكن إياك لا أقلي فإنه أراد لكن أنا لا أقليك، وهو أولى من جعلهم التقدير لكنه إياك على حذف ضمير الشأن، وأبعد منه جعل الأصل لكنني إياك على حذف اسم لكن كما في قوله: فلو كنت ضبيا عرفت قرابتي * ولكن زنجي عظيم المشافر أي لكنك مع نون الوقاية، وبإثبات الألف آخرا في الوقف وحذفها في الوصل كما هو الأصل في أنا وقفا ووصلا قرأ الكوفيون. وأبو عمرو. وابن كثير. ونافع في رواية ورش. وقالون، وأبدلها هاء في الوقف أبو عمرو في رواية فقال: * (لكنه) * ذكره ابن خالويه، وقال ابن عطية: روى هارون عن أبي عمرو * (لكنه هو الله ربي) * بضمير لحق لكن.
وقرأ ابن عامر. وزيد بن علي. والحسن. والزهري بإثبات الألف وقفا ووصلا وهو رواية عن نافع. ويعقوب. وأبي عمرو. وورش. وأبي جعفر. وأبي بحرية، وجاء ذلك على لغة بني تميم فإنهم يثبتون ألف أنا في الأصل اختيارا وأما غيرهم فيثبتها فيه اضطرارا، وقال بعضهم: إن إثباتها في الوصل غير فصيح لكنه حسن هنا لمشابهة أنا بعد حذف همزته لضميرنا المتصل ولأن الألف جعل عوضا عن الهمزة المحذوفة فيه.
وقيل أثبتت إجراء للوصل مجرى الوقف وفي إثباتها دفع اللبس بلكن المشددة، ومن إثباتها وصلا قول الشاعر:
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»