نفسك بحلية الجهل وخرجت من ربقة العقل. هذا وقرأ أبان عن عاصم * (من أسورة) * بحذف ألف وزيادة هاء وهو أحد لسوار كما سمعت * (ويلبسون ثيابا خضرا) * لأن الخضرة أحسن الألوان والنفس تنبسط بها أكثر من غيرها، وروي في أثر أنها تزيد في ضوء البصر، وقيل:
ثلاثة مذهبة للحزن. الماء والخضرة والوجه الحسن. والظاهر أن لباسهم غير منحصر فيما ذكر إذ لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين، وأخرج ابن أبي حتم عن سليم بن عامر أن الرجل يكسى في الساعة الواحدة سبعين ثوبا وأن أدناها مثل شقيق النعمان، وقيل يحتمل الانحصار ولهم فيها ما تشتهي الأنفس لا يأباه لجواز أنهم لايشتهون ولا تلذ أعينهم سوى ذلك من الألوان، والتنكير لتعريف أنها لا يكاد يوصف حسنها.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال: لو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم.
وقرأ أبان عن عاصم. وابن أبي حماد عن أبي بكر * (ويلبسون) * بكسر الباء * (من سندس) * قال الجواليقي: هو رقيق الديباج بالفارسية فهو معرب، وفي القاموس هو ضرب من البزيون أو ضرب من رقيق الديباج معرب بلا خلاف، وقال الليث: لم يختلف أهل اللغة والمفسرون في أنه معرب، وأنت تعلم أن فيه خلاف الشافعي عليه الرحمة، والقول بأنه ليس من أهل اللغة والمفسرين في النفس منه شيء، وقال شيدله: هو رقيق الديباج بالهندية، وواحدة على ما نقل عن ثعلب سندسة.
وزعم بعضم: أن أصله سندس وكان هذا النوع من الديباج يجلب من السند فأبدلت الياء سينا كما فعل في سادي فقيل سادس، وهو كلام لا يروج إلا على سندي أو هندي. ويحكى أن جماعة من أهل الهند من بلد يقال له بروج بالجيم الفارسية وكانوا يتكلمون بلة تسمى سنسكريت جاؤوا إلى الاسكندر الثاني بهدية من جملتها هذا الديباج ولم يكن رآه فقال: ما هذا؟ فقالوا: سندون بالنون في آخره فغيرته الروم إلى سندوس ثم العرب إلى سندس فهو معرب قطعا من ذلك اللفظ الذي أطلقته أولئك الجماعة عليه، لكن لا جزم من أنه اسم له في الأصل بلغتهم أو اسم للبلدة المجلوب هو منها أطلق عليه كما في أسماء كثير من الأمتعة اليوم والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.
* (واستبرق) * أخرج ابن جرير. وغيره عن قتادة. وعكرمة أنه غليظ الديباج، وقال ابن بحر: هو ديباج منسوج بذهب وفي القاموس هو الديباج الغليظ أو ديباج يعمل بالذهب أو ثياب حرير صفاق نحو الديباج أو قدة حمراء كأنه قطع الأوتار اه، والذي عليه الأكثرون من المفسرين واللغويين الأول، وهو كما أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك معرب استبره وهي كلمة عجمية ومعناها الغليظ، والمشهور أنه يقال للغليظ بالفارسية استبر بلا هاء، وقال ابن قتيبة: هو رومي عرب وأصله استبره فابدلوا الهاء قافا، ووقع في شعر المرقش قال: تراهن يلبسن المشاعر مرة * واستبرق الديباج طورا لباسها وقال ابن دريد: هو سرياني عرب وذكر من أصله ما ذكروا، وقيل: أصله استفرح بحرف بعد التاء بين الفاء والباء الموحدة، وادعى بعضهم أن الاستبرق الديباج الغليظ الحسن في اللغة العربية والفارسية ففيه توافق اللغتين، ونقل عن الأزهري أنه استصوب هذا، ويجمع على أباريق ويصغر كما في القاموس. وغيره على أبيرق، وقرأ ابن محيصن * (واستبرق) * بوصل الهمزة وفتح القاف حيث وقع جعله كام يقتضيه ظاهر كلام