تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٥ - الصفحة ٢٦٨
فارسي معرب وليس من كلامهم اسم مفرد ثالثه ألف وبعده حرفان انتهى، وقد أصاب في دعوى التعريب فإن عامة اللغويين على ذلك، وأما قوله: وليس من كلامهم الخ فيكذبه ورود علابط وقرأ مص وجنادف وحلاحل وكلها بزنة سرادق ومثل ذلك كثير والغفلة مع تلك الكثرة من هذا الفاضل بعيدة فينظر ما مراده، ثم إنه معرب سرا يرده أي ستر الديوان، وقيل: سرا طاق أي طاق الديوان وهو أقرب لفظا إلا أن الطاق معرب أيضا وأصله تا أو تاك، وقال أبو حيان. وغيره: معرب سرادر وهو الدهليز ووقع في بيت الفرزدق: تمنيتهم حتى إذا ما لقيتهم * تركت لهم قبل الضراب السرادقا ويجمع كما قال سيبويه بالألف والتاء وإن كان مذكرا فيقال سرادقات، وفسره في النهاية بكل ما أحاط بموضع من حائط أو مضرب أو خباء، وأمر إطلاقه على اللهب أو الدخان أو غيرهما مما ذكر على هذا ظاهر.
* (وإن يستغيثوا) * من العطش بقرينة قوله تعالى: * (يغاثوا بماء كالمهل) * وقيل: مما حل بهم من أنواع العذاب، والمهل على ما أخرج ابن جرير. وغيره عن ابن عباس. وابن جبير ماء غليظ كدردي الزيت، وفيه حديث مرفوع فقد أخرج أحمد. والترمذي. وابن حبان. والحاكم وصححه. والبيهقي. وآخرون عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: * (كالمهل) * قال: كعكر الزيت فإذا قرب إليه سقطت فروة وجهه فيه، وقال غير واحد. هو ما أذيب من جواهر الأرض، وقيل: ما أذيب من النحاس، وأخرج الطبراني. وابن المنذر. وابن جرير عن ابن مسعود أنه سئل عنه فدعا بذهب وفضة فإذا به فلما ذات قال: هذا أشبه شيء بالمهل الذي هو شراب أهل النار ولونه لون السماء غير أن شراب أهل النار أشد حرا من هذا.
وأخرج ابن أبي حاتم. وغيره عن مجاهد أنه القيح والدم الأسود، وقيل: هو ضرب من القطران، وقوله سبحانه: * (يغاثوا) * الخ خارج مخرج التهكم بهم كقول بشر بن أبي حازم: غضبت تميم أن تقتل عامرا * يوم النسار فاعتبوا بالصيلم * (يشوي الوجوه) * ينضجها إذا قدم ليشرب من فرط حرارته حتى أنه يسقط جلودها كما سمعت في الحديث، فالوجوه جمع وجه وهو العضو المعروف، والظاهر أنه المراد لا غير، وقيل: عبر بالوجوه عن جميع أبدانهم والجمل صفة ثانبة لماء والأولى * (كالمهل) * أو حال منه كما في البحر لأنه قد وصف أو حال من المهل كما قال أبو البقاء.
وظاهر كلام بعضهم جواز كونها في موضع الحال من الضمير المستتر في الكاف لأنها اسم بمعنى مشابه فيستتر الضمير فيها كما يستر فيه؛ وفيه ما لا يخفى من التكلف لأنها ليس صفة مشتقة حتى يستتر فيها ولم يعهد مشتق على حرف واحد قاله الخفاجي.
وذكر أن أبا علي الفارسي منع في شرح الشواهد جعل ذؤابتي في قول الشاعر: رأتني كأفحص القطاه ذؤابتي مرفوعا بالكاف لكونها بمنزلة مثل وقال: إن ذلك ليس بالسهل لأن الكاف ليست على ألفاظ الصفات.
وجوز أن تكون في موضع الحال من الضمير المستتر في الجار والمجرور، وقيل: يجوز أن يكون مراد ذلك البعض إلا أنه تسامح * (بئس الشراب) * ذلك الماء الذي يغاثون به * (وسآءت) * النار * (مرتفقا) * أي متكأ كما قال أبو عبيدة وروي عن السدي، وأصل الارتفاق كما قيل الاتكاء على
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»