تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٥ - الصفحة ٢٦٣
على شخص يقبل عليه ومن غضب يعرض عنه، وقيل: المراد بالوجه الذات والكلام على حذف مضاف.
وقيل: هو بمعنى التوجه، والمعنى يريدون التوجه إليه تعالى والزلفى لديه سبحانه، والأول أولى، والجملة في موضع الحال من فاعل * (يدعون) * أي يدعون مريدين ذلك.
* (ولا تعد عيناك عنهم) * أي لا تصرف عيناك النظر عنهم إلى أبناء الدنيا، والمراد النهي عن احتقارهم وصرف النظر عنهم لرثاثة حالهم إلى غيرهم فعدا بمعنى صرف المتعدي إلى مفعول بنفسه وإلى آخر بعن، قال في " القاموس " يقال: عداه عن الأمر عدوا وعدوانا صرفه، واختار هذا أبو حيان وهو الذي قدر المفعول كما سمعت وقد تتعدى عدا إلى مفهول واحد بعن كما تتعدى إليه بنفسها فتكون بمعنى جاوز وترك، قال في " القاموس " يقال عدا الأمر وعنه جاوزه وتركه، وجوز أن يكون معنى الآية على ذلك كأنه قيل لا تتركهم عيناك، وقيل: إن عدا حقيقة معناه تجاوز كما صرح به الراغب والتجاوز لا يتعدى بعن إلا إذا كان بمعنى العفو كما صرحوا به أيضا وهو هنا غير مراد فلا بد من تضمين عدا معنى نبا وعلا في قولك: نبت عنه عينه وعلت عنه عينه إذا اقتحمته ولم تعلق به، وهو الذي ذهب إليه الزمخشري ثم قال: لم يقل ولا تعدهم عيناك أو ولا تعل عيناك عنهم وارتكب التضمين ليعطي الكلام مجموع معنيين وذلك أقوى من إعطاء معنى فذ ألا ترى كيف رجع المعنى إلى قولك: ولا تقحمهم عيناك مجاوزتين إلى غيرهم، وتعقبه أبو حيان بأن التضمين لا ينقاس عند البصريين وإنما يذهب إليه عند الضرورة، أما إذا أمكن إجراء اللفظ على مدلوله الوضعي فإنه يكون أولى، واعترض أيضا ما قيل: بأنه لا يلزم من اتحاد الفعلين في المعنى اتحادهما في التعدية فلا يلزم من كون عدا بمعنى تجاوز أن يتعدى كما يتعدى ليقال: إن التجاوز لا يتعدى بعن إلا إذا كان بمعنى العفو وهو غير مراد، فلا بد من تضمين عدا معنى فعل متعد بعن، ويكفي كلام القاموس مستندا لمن خالف الزمخشري فتدبر ولا تغفل.
وقرأ الحسن * (ولا تعد عينيك) * بضم التاء وسكون العين وكسر الدال المخففة من أعداه ونصب العينين، وعنه وعن عيسى. والأعمشى أنهم قرؤا * (ولا تعد عينيك) * بضم التاء وفتح العين وتشديد الدال المكسورة من عداه يعديه ونصب العينين أيضا، وجعل الزمخشري، و " صاحب اللوامح " الهمزة والتضعيف للتعدية.
وتعقب ذلك في " البحر " بأنه ليس بجيد بل الهمزة والتضعيف في هذه الكلمة لموافقة أفعل وفعل للفعل المجرد وذلك لأنه قد أقر الزمخشري بأنها قبل ذينك الأمرين متعدية بنفسها إلى واحد وعديت بعن للتضمين فمتى كان الأمران للتعدية لزم أن تتعدى إلى اثنين مع أنها لم تتعدى في القراءتين المذكورتين إليهما.
* (تريد زينة الحياة الدنيا) * أي تطلب مجالسة من لم يكن مثلهم من الأغنياء وأصحاب الدنيا والجملة على القراءة المتواترة حال من كاف * (عيناك) * وجازت الحال منه لأنه جزء المضاف إليه، والعامل على ما قيل معنى الإضافة وليس بشيء.
وقال في " الكشف ": العامل الفعل السابق كما تقرر في قوله تعالى: * (بل ملة إبراهيم حنيفا) * (البقرة: 135) ولك أن تقول: ههنا خاصة العين مقحمة للتأكيد ولا يبعد أن يجعل حالا من الفاعل، وتوحيد الضمير إما لاتحاد الإحساس أو للتنبيه على مكان الإقحام أو للاكتفاء بأحدهما عن الآخر أو لأنهما عضو واحد في الحقيقة، واستبشاع إسناد الإرادة إلى العين مندفع بأن إرادتها كناية عن إرادة صاحبها ألا ترى إلى ما شاع من نحو قولهم:
(٢٦٣)
مفاتيح البحث: الزمخشري (4)، النهي (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»