ضعيف لا يقوم به المدعى على ساق.
وأنت تعلم أنه لا بأس بالقيام والذكر لكن على ما يفعله المتشيخون اليوم فإن ذلك لم يكن في أمة من الأمم ولم يجيء في شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم بل لعمري أن تلك الحلق حبائل الشيطان وذلك القيام قعود في بحبوحة الخذلان * (وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله) * أي وإذ خرجتم عن صحبة أهل الهوى وأعرضتم عن السوى * (فأووا إلى الكهف) * فاخلوا بمحبوبكم * (ينشر لكم ربكم من رحمته) * مطوي معرفته * (ويهيىء لكم من أمركم مرفقا) * (الكهف: 16) ما تنتفعون به من أنوار تجلياته ولطائف مشاهداته، قال بعض العارفين: العزلة عن غير الله تعالى توجب الوصلة بالله عز وجل بل لا تحصل الوصول إلا بعد العزلة ألا ترى كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجنب بغار حراء حتى جاءه الوحي وهو فيه * (وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه) * لئلا يكثر الضوء في الكهف فيقل معه الحضور، فقد ذكروا أن الظلمة تعين على الكفر وجمع الحواس، ومن هنا ترى أهل الخلوة يختارون لخلوتهم مكانا قليل الضياء ومع هذا يغمضون أعينهم عند المراقبة.
وفي أسرار القرآن أن في الآية إشارة إلى أن الله تعالى حفظهم عن الاحتراز في السبحات فجعل شمس الكبرياء تزاور عن كهف قربهم ذات يمين الأزل وذات شمال الأبد وهم في فجوة وصال مشاهدة الجمال والجلال محروسون محفوظون عن قهر سلطان صرف الذات الأزلية التي تتلاشى الأكوان في أول بوادي إشارقها.
وفي الحديث " حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره " وقيل: في تأويله إن شمس الروح أو المعرفة والولاية إذا طلعت من أفق الهداية وأشرقت في سماء الواردات وهي حالة السكر وغلبة الوجد لا تنصرف في خلوتهم إلى أمر يتعلق بالعقبى وهو جانب اليمين وإذا غربت أي سكنت تلك الغلبة وظهرت حالة الصحو لا تلتفت همم أرواحهم إلى أمر يتعلق بالدنيا وهو جانب الشمال بل تنحرف عن الجهتين إلى المولى وهم في فراغ عما يشغلهم عن الله تعالى.
وذكر أن فيه إشارة إلى أن نور ولا يتهم يغلب نور الشمس ويرده عن الكهف كما يغلب نور المؤمن نار جهنم وليس هذا بشيء وإن روي عن ابن عطاء * (من يهد الله فهو المهتد) * الذي رفعت عنه الحجب ففاز بما فاز * (ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) * لأنه لا يخذله سبحانه إلا لسوء استعداده ومتى فقد الاستعداد تعذر الإرشاد * (وتحسبهم أيقاظا وهم رقود) * إشارة إلى أنهم مع الخلق بأبدانهم ومع الحق بأرواحهم، وقال ابن عطاء: هم مقيمون في الحضرة كالنومي لا علم لهم بزمان ولا مكان أحياء موتى صرعى مفيقون نومي منتبهون * (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) * أي ننقلهم من عالم إلى عالم؛ وقال ابن عطاء: نقلبهم في حالتي القبض والبسط والجمع والفرق، وقال آخر: نقلبهم بين الفناء والبقاء والكشف والاحتجاب والتجلي والاستتار، وقيل في الآية إشارة إلى أنهم في التسليم كالميت في يد الغاسل * (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) * (الكهف: 18) قال أبو بكر الوراق: مجالسة الصالحين ومجاورتهم غنيمة وإن اختلف الجنس ألا ترى كيف ذكر الله سبحانه كلب أصحاب الكهف معهم لمجاورته إياهم.
وقل أشير بالآية إلى أن كلب نفوسهم نائمة معطلة عن الأعمال، وقيل يمكن أن يراد أن نفوسهم صارت بحيث تطيعهم جميع الأحوال وتحرسهم عما يضرهم * (لو اطلعت عليهم) * أي لو اطلعت من حيث أنت على ما ألبستهم من لباس قهر ربوبيتي وسطوات عظمتي * (لوليت منهم) * أي من رؤية ما عليهم من هيبتي وعظمتي * (فرارا