تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٥ - الصفحة ١٦٩
وأرادوا كما أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس عيانا وهذا كقولهم * (لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا) * (:) وفي رواية أخرى عن الحبر والضحاك تفسير القبيل بالكفيل أي كفيلا بما تدعيه يعنون شاهدا يشهد لك بصحة ما قلته وضامنا يضمن ما يترتب عليه وهو على الوجهين حال من الجلالة وحال الملائكة محذوفة لدلالة الحال المذكورة عليها أي قبلاء كما حذف الخبر في قوله:
ومن يك أمسى في المدينة رحله * فإني وقيار بها لغريب وذكر الطبرسي عن الزجاج أنه فسر قبيلا بمقابلة ومعاينة، وقال إن العرب تجريه في هذا المعنى مجرى المصدر فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث فلا تغفل، وعن مجاهد القبيل الجماعة كالقبيلة فيكون حالا من الملائكة، وفي " الكشف " جعله حالا من الملائكة لقرب اللفظ وسداد المعنى لأن المعنى تأتي بالله تعالى وجماعة من الملائكة لا تتي بهما جماعة ليكون حالا على الجمع إذ لا يراد معنى المعية معه تعالى ألا ترى إلى قوله سبحانه حكاية عنهم * (أو نرى ربنا) * (الفرقان: 21) والقرآن يفسر بعضه بعضا انتهى. وقرأ الأعرج * (قبلا) * من المقابلة وهذا يؤيد التفسير الأول.
* (أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى فى السمآء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرءه قل سبح‍ان ربى هل كنت إلا بشرا رسولا) * * (أو يكون لك بيت من زخرف) * من ذهب كما روى عن ابن عباس. وقتادة وغيرهما، وأصله الزينة وإطلاقه على الذهب لأن الزينة به أرغب وأعجب، وقرأ عبد الله * (من ذهب) * وجعل ذلك في البحر تفسيرا لا قراءة لمخالفته سواد المصحف * (أو ترقى في السماء) * أي تصعد في معارجها فحذف المضاف يقال رقى في السلم والدرجة والظاهر أن السماء هنا المظلة، وقيل: المراد المكان العالي وكل ما ارتفع وعلا يسمى سماء قال الشاعر: وقد يسمى سماء كل مرتفع * وإنما الفضل حيث الشمس والقمر * (ولن نؤمن لرقيك) * أي لأجل رقيك فيها وحده أو لن نصدق رقيك فيها * (حتى تنزل) * منها * (علينا كتابا نقرؤه) * بلغتنا على أسلوب كلامنا وفيه تصديقك * (قل) * تعجبا من شدة شكيمتهم وفرط حماقتهم * (سبحان ربي) * أو قل ذلك تنزيها لساحة الجلال عما لا يكاد يليق بها من مثل هذه الاقتراحات التي تضمنت ما هو من أعظم المستحيلات كاتيان الله تعالى على الوجه الذي اقترحوه أو عن طلب ذلك، وفيه تنبيه على بطلان ما قالوه.
وقرأ ابن كثير. وابن عامر * (قال سبحان ربي) * أي قال النبي صلى الله عليه وسلم: * (هل كنت إلا بشرا رسولا) * كسائر الرسل عليهم السلام وكانوا لا يأتون قومهم إلا بما يظهره الله تعالى على أيديهم حسبما تقتضيه الحكمة من غير تفويض إليهم فيه ولا تحكم منهم عليه سبحانه، و * (بشرا) * خبر كان و * (رسولا) * صفته وهو معتمد الكلام وكونه بشرا توطئة لذلك ردا لما أنكروه من جواز كون الرسول بشرا ودلالة على أن الرسل عليهم السلام من قبل كانوا كذلك ولهذا قال الزمخشري هل كنت إلا رسولا كسائر الرسل بشرا مثلهم، وزعم بعض أن ذكر * (بشرا) * ليس للتوطئة فإن طلب القوم منه عليه الصلاة والسلام ما طلبوه يحتمل أن يكون طلب أن يأتي به بقرة نفسه صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون طلب أن يأتي به بقدرة الله تعالى فذكر * (بشرا) * لنفي أن يأتي بذلك بقدرة نفسه كأنه قال: هل كنت إلا بشرا والبشر لا قدرة له على الإتيان بذلك، وذكر رسولا لنفي أن يأتي به بقدرة الله تعالى كأنه قيل هل كنت إلا رسولا والرسول لا يتحكم على ربه سبحانه.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»