الوحي معنى القول، قيل: ويؤيده قراءة عبد الله * (وقلنا إن دابر) * الخ وهي قراءة تفسير لا قرآن لمخالفتها لسواد المصحف، والدابر الآخر وليس المراد قطع آخرهم بل استئصالهم حتى لا يبقى منهم أحد * (مصبحين) * أي داخلين في الصباح فإن الأفعال يكون للدخول في الشيء نحو أتهم وأنجد، وهو من أصبح التامة حال من * (هؤلاء) * وجاز بناء على أن المضاف بعضه، وقد قيل: بجواز مجيء الحال من المضاف إليه فيما كان المضاف كذلك، وليس العامل معنى الإضافة خلافا لبعضهم، وكونه اسم الإشارة توهم لأن الحال لم يقل أحد إن صاحبها يعمل فيها، واختار أبو حيان كونه حالا من الضمير المستكن في * (مقطوع) * الراجع إلى * (دابر) * وجاز ذلك مع الاختلاف إفرادا وجمعا رعاية للمعنى لأن ذلك في معنى دابري هؤلاء فيتفق الحال وصاحبها جمعية.
وقدر الفراء. وأبو عبيد إذا كانوا مصبحين كما تقول: أنت راكبا أحسن منك ماشيا. وتعقب بأنه إن كان تقدير معنى فصحيح وإن كان بيان إعراب فلا ضرورة تدعو إلى ذلك كما لا يخفى.
* (وجآء أهل المدينة يستبشرون) * .
* (وجاء أهل المدينة) * شروع في حكاية ما صدر من القوم عند وقوفهم على مكان الأضياف من الفعل وما ترتب عليه مما أشير إليه أولا على سبيل الإجمال، وهذا مقدم وقوعا على العلم بهلاكهم كما سمعت والواو لا تدل على الترتيب، وقال ابن عطية: يحتمل أن يكون هذا بعد العلم بذلك وما صدر منه عليه السلام من المحاورة معهم كان على جهة التكتم عنهم والإملاء لهم والتربص بهم، ولا يخفى أن كون المساءة وضيق الذرع من باب التكتم والإملاء أيضا مما يأبى عنه الطبع السليم، والمراد بالمدينة سذوم وبأهلها أولئك القوم المجرمون، ولعل التعبير عنهم بذلك للإشارة إلى كثرتهم مع ما فيه من الإشارة إلى مزيد فظاعة فعلهم، فإن اللائق بأهل المدينة أن يكرموا الغرباء الواردين على مدينتهم ويحسنوا المعاملة معهم فهم عدلوا عن هذا اللائق مع من حسبوهم غرباء واردين إلى قصد الفاحشة التي ما سبقهم بها أحد من العالمين وجاءوا منزل لوط عليه السلام * (يستبشرون) * مستبشرين مسرورين إذ قيل لهم: إن عنده عليه السلام ضيوفا مردا في غاية الحسن والجمال فطمعوا قاتلهم الله تعالى فيهم:
* (قال إن هاؤلآء ضيفى فلا تفضحون) * .
* (قال إن هؤلاء ضيفى) * الضيف كما قدمنا في الأصل مصدر ضافه فيطلق على الواحد والجمع ولذا صح جعله خبرا - لهؤلاء -، وإطلاقه على الملائكة عليهم السلام بحسب اعتقاده عليه السلام لكونهم في زي الضيف، وقيل: بحسب اعتقادهم لذلك، والتأكيد ليس لإنكارهم ذلك بل لتحقيق اتصالهم به وإظهار اعتنائه بهم عليه السلام وتشميره لمراعاة حقوقهم وحمايتهم عن السوء، ولذلك قال: * (فلا تفضحون) * أي عندهم بأن تتعرضوا لهم بسوء فيعلموا أنه ليس لي عندكم قدر أو لا تفضحوني بفضيحة ضيفي فإن من أسيء إلى ضيفه فقد أسيء إليه، يقال: فضحته فضحا وفضيحة إذا أظهر من أمره ما يلزمه به العار، ويقال: فضح الصبح إذا تبين للناس.
* (واتقوا الله ولا تخزون) * .
* (ولا تخزون) * أي لا تذلوني ولا تهينوني بالتعرض بالسوء لمن أجرتهم فهو من الخزي بمعنى الذل، والهوان، وحيث كان التعرض لهم بعد أن نهاهم عنه بقوله: * (فلا تفضحون) * أكثر تأثيرا في جانتبه عليه السلام وأجلب