تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ١٤
أخينا معنا، والجمل كلها للبيان أيضا إلا أن ثم محذوفا ينساق إليه الكلام أي بضاعتنا حاضرة نستظهر بها ونمير أهلنا ونصنع كيت وذيت وهو على ما قيل: وجه واضح حسن يلائم ما كانوا فيه مع أبيهم فتأمل هذا. وقرأت عائشة. وأبو عبد الرحمن * (ونمير) * بضم النون، وقد جاء مار عياله وأمارهم بمعنى كما في القاموس. [66 * (قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتننى به إلا أن يحاط بكم فلمآ ءاتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل) *. * (قال لن أرسله معكم) * بعد أن عاينت منكم ما أجرى المدامع * (حتى تؤتون موثقا من الله) * أي حتى تعطوني ما أوتوثق به من جهته، فالموثق مصدر ميمي بمعنى المفعول، وأراد عليه السلام أن يحلفوا له بالله تعالى وإنما جعل الحلف به سبحانه موثقا منه لأنه مما تؤكد العهود به وتشدد وقد أذن الله تعالى بذلك فهو إذن منه تعالى بذلك فهوإذن منه تعالى شأنه * (لتأتنني به) * جواب قسم مضمر إذ المعنى حتى تحلفوا بالله وتقولوا والله لنأتينك به.
وفي مجمع البيان نقلا عن ابن عباس أنه عليه السلام طلب منهم أن يحلفوا بمحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وسيد المرسلين، والظاهر عدم صحة الخبر. وذكر العمادي أنه عليه السلام قال لهم: قولوا بالله رب محمد صلى الله عليه وسلم لنأتينك به * (إلا أن يحاط بكم) * أي إلا أن تغلبوا فلا تطيقوا ذلك أو إلا أن تهلكوا جميعا وكلاهما مروي عن مجاهد، وأصله من إحاطة العدو واستعماله في الهلاك لأن من أحاط به العدو فقد هلك غالبا، والاستثناء قيل مفرغ من أعم الأحوال والتقدير لتأتنني به على كل حال إلا حال الإحاطة بكم. ورد بأن المصدر من * (أن) * والفعل لا يقع موقع الحال كالمصدر الصريح فيجوز جئتك ركضا أي راضا دون جئتك أن تركض وإن كان في تأويله لما أن الحال عندهم نكرة و * (أن) * مع ما في حيزها معرفة في رتبة الضمير. وأجيب بأنه ليس المراد بالحال الحال المصطلح عليها بل الحال اللغوية، ويؤل ذلك إلى نصب المصدر المؤول على الظرفية وفيه نظر. وفي " البحر " أنه لو قدر كون * (أن) * والفعل في موقع المصدر الواقع ظرف زمان أي لتأتنني به في كل وقت إلا إحاطة بكم أي إلا وقت إحاطة بكم لم يجز عند ابن الأنباري لأنه يمنع وقوع المصدر المؤول ظرفا ويشترط المصدر الصريح فيجوز خرجنا صياح الديك دون خرجنا أن يصيح الديك أو ما يصيح الديك، وجاز عند ابن جني المجوز لذاك كما في قول أبي ذؤيب الهذلي: وتالله ما إن شهلة أم واحد * بأوجد مني أن يهان صغيرها وقيل: من أعم العلل على تأويل الكلام بالنفي الذي ينساق إليه أي لتأتنني ولا تمتنعن من الإتيان به إلا للإحاطة بكم كقولهم: أقسمت عليك إلا فعلت أي ما أطلب إلا فعلك، والظاهر اعتبار التأويل على الوجه الأول أيضا فإن الاستثناء فيه مفرغ كما علمت، وهو لا يكون في الإثبات إلا إذا صح وظهر إرادة العموم فيه نحو قرأت إلا يوم الجمعة لإمكان القراءة في كل يوم غير الجمعة وهنا غير صحيح لأن لا يمكن لإخوة يوسف عليه السلام أن يأتوا بأخيهم في كل وقت وعلى كل حال سوى وقت الإحاطة بهم لظهور أنهم لا يأتون به له وهو في الطريق أو في مصر اللهم إلا أن يقال: إنه من ذلك القبيل وأن العموم والاستغراق فيه عرفي أي في كل حال يتصور الاتيان فيها، وتعقب المولى أبو السعود تجويز الأول بلا تأويل بقوله: وأنت تدري أنه حيث لم يكن الاتيان من الأفعال الممتدة الشاملة للأحوال على سبيل المعية كما في قولك: لألزمنك إلا أن تقضيني حقي ولم يكن مراده عليه السلام مقارنته على سبيل البدل لما عدا الحال المستثناة كما إذا قلت: صل إلا أن تكون محدثا
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»