تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ١٣
ويرى ذلك كثيرا أو صعبا عليه وهو كما ترى، وجوز أن يكون ذلك إشارة إلى الكيل الذي هم بصدده وتضمنه كلامهم وهو المنضم إليه كيل البعير الحاصل بسبب أخيهم المتعهد بحفظه كأنهم لما ذكروا ما ذكروا صرحوا بما يفهم منه مبالغة في استنزال أبيهم فقالوا: ذلك الذي نحن بصدده كيل سهل لا مشقة فيه ولا محنة تتبعه، وقد يبقى الكيل على معناه المصدري والكلام على هذا الطرز إلا يسيرا.
وجوز بعضهم كون ذلك من كلام يعقوب عليه السلام والإشارة إلى كيل البعير أي كيل بعير واحد شيء قليل لا يخاطر لمثله بالولد، وكان الظاهر على هذا ذكره مع كلامه السابق أو اللاحق، وقيل: معنى * (ما نبغي) * أي مطلب نطلب من مهماتنا، والجمل الواقعة بعده توضيح وبيان لما يشعر به الإنكار من كونهم فائزين ببعض المطالب أو متمكنين من تحصيله فكأنهم قالوا: هذه بضاعتنا حاضرة فنستظهر بها ونمير أهلنا ونحفظ أخانا من المكروه ونزداد بسببه غير ما نكتاله لأنفسنا كيل بعير فأي شيء نبغي وراء هذه المباغي، وما ذكرنا من العطف على المقدر هو المشهور. وفي " الكشف " لك أن تقول: إن * (نمير) * وما تلاه معطوف على مجموع * (ما نبغي) * والمعنى اجتماع هذين القولين منهم في الوجود ولا يحتاج إلى جامع وراء ذلك لكونهما محكيين قولا لهم على أنه حاصل لاشتراك الكل في كونه لاستنزال يعقوب عليه السلام عن رأيه وأن الملك إذا كان محسنا كان الحفظ أهون شيء، والاستفهام لرجوعه إلى المنفي لا يمنع العطف ووافقه في ذلك بعضهم. وقرأ ابن مسعود. وأبو حيوة * (ما تبغي) * بتاء الخطاب؛ وروت عائشة رضي الله تعالى عنها ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخطاب ليعقوب عليه السلام، والمعنى أي شيء وراء هذه المباغي المشتملة على سلامة أخينا وسعة ذات أيدينا أو وراء ما فعل معنا الملك من الإحسان داعيا إلى التوجه إليه، والجملة المستأنفة موضحة أيضا لذلك أو أي شيء تبغي شاهدا على صدقنا فيما وصفنا لك من إحسانه، والجملة المذكورة عبارة عن الشاهد المدلول عليه بفحوى الإنكار، ويحتمل أن تكون * (ما) * نافية ومفعول * (نبغي) * محذوف أن ما نبغي شيئا غير ما رأيناه من إحسان الملك في وجوب المراجعة إليه أو ما نبغي غير هذه المباغي، والقول بأن المعنى ما نبغي منك بضاعة أخرى نشتري بها ضعيف، والجملة المستأنفة على كل تقدير تعليل للنفي، وإما إذا فسر البغي بمجاوزة الحد - فما - نافية فقط، والمعنى ما نبغي في القول ولا نكذب فيما وصفنا لك من إحسان الملك إلينا وكرمه الموجب لما ذكر، والجملة المستأنفة لبيان ما ادعوا من عدم البغي، وقوله: * (ونمير) * الخ عطف على * (ما نبغي) * أي لا نبغي فيما نقول ونمير ونفعل كيف وكيت فاجتمع أسباب الإذن في الإرسال، والأول كالتمهيد والمقدمة للبواهي والتناسب من هذا الوجه لأن الكل متشاركة في أن المطلوب يتوقف عليها بوجه ما، على أنه لو لم يكن غير الاجتماع في المقولية لكفى على ما مر آنفا عن الكشف.
وجوز كونه كلاما مبتدأ أي جملة تذييلية اعتراضية كقولك: فلان ينطق بالحق والحق أبلج كأنه قيل: وينبغي أن نمير، ووجه التأكيد الذي يقتضيه التذييل أن المعنى أن الملك محسن ونحن محتاجون ففيم التوقف في الإرسال وقد تأكد موجباه؟، وقال العلامة الطيبي: إنما صح التأكيد والتذييل لأن الكلام في الامتيار وكل من الجمل بمعناه أو المعنى * (ما نبغي) * في الرأي وما نعدل عن الصواب فيما نشير به عليه من إرسال
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»