تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ١٠٣
* (بعضها على بعض) * آخر منها * (في الأكل) * لمكان التأنيث، وأمال فتحة القاف حمزة، والكسائي، والأكل بضم الهمزة والكاف وجاء تسكينها ما يؤكل، وهو هنا الثمر والحب، وقول بعضهم: أي في الثمر شكلا وقدرا ورائحة وطعما من باب التغليب، وقرأ حمزة. والكسائي * (يفضل) * بالياء على بناء الفاعل ردا على * (يدبر) * و * (بفصل) * و * (يغشى) * وقرأ يحيى بن يعمر وهو أول من نقط المصحف. وأبو حيوة. والحلبى عن عبد الوارث بالياء على بناء المفعول ورفع * (بعضها) * وفيه ما لا يخفى من الفخامة والدلالة على أن عدم احتمال استناد الفعل إلى فاعل آخر معن عن بناء الفعل للفاعل * (إن في ذالك) * الذي فصل من أحوال القطع وغيرها * (لآي‍ات) * كثيرة عظيمة باهرة * (لقوم يعقلون) * يعملون على قضية عقولهم فإن من عقل هاتيك الأحوال العجيبة وخروج الثمار المختلفة في الأشكال والألوان والطعوم والروائح في تلك القطع المتباينة المتلاصقة مع اتحاد ما تسقى به بل وسائر أسباب نموها لا يتلعثم في الجزم بأن لذلك صانعا حكيما قادرا مدبرا لها لا يعجزه شيء، وقيل: المراد أن من عقل ذلك لا يتوقف في الجزم بأن من قدر على إبداع ما ذكر قادر على إعادة ما أبداه بل هي أهون في القياس ولعل ما ذكرناه أولى. ثم إنالأحوال وإن كانت هي الآيات أنفسها لا أنها فيها إلا أنها قد جردت عنها أمثالها مبالغة في كونه آية - ففي - تجريدية مثلها في قوله تعالى: * (لهم فيها دار الخلد) * (فصلت: 38) على المشهور. وجوز أن يكون المشار إليه الأحوال الكلية، والآيات افرادها الحادثة شيئا فشيئا في الأزمنة وآحادها الواقعة في الأقطار والأمكنة المشاهدة لأهلها - ففي - على معناها؛ ومنهم من فسر الآيات بالدلالات لتبقى في على ذلك وهو كما ترى، وحيث كانت دلالة هذه الأحوال على مدلولاتها أظهر مما سبق علق سبحانه كونها آيات بمحض التعقل كما قال أبو حيان وغيره، ولذلك - على ما قيل - لم يتعرض جل شأنه أنه لغير تفضيل بعضها على بعض في الأكل الظاهر لكل عاقل مع تحقق ذلك في الخواص والكيفيات مما يتوقف العثور عليه على نوع تأمل وتفكر كأنه لا حاجة إلى التفكر في ذلك أيضا، وفيه تعريض بأن المشركين غير عاقلين، ولبعض الرجاز فيما تشير إليه الآية:
والأرض فيها عبرة للمعتبر * تخبر عن صنع مليك مقتدر تسقى بماء واحد أشجارها * وبقعة واحدة قرارها والشمس والهواء ليس يختلف * وأكلها مختلف لا يأتلف لو أن ذا من عمل الطبائع * أو أنه صنعة غير صانع لم يختلف وكان شيئا واحدا * هل يشبهالأولاد إلا الوالدا الشمس والهواء يا معاند * والماء والتراب شيء واحد فما الذي أوجب ذا التفاضلا * الا حيكم لم يرده باطل وأخرج ابن جرير عن الحسن في هذه الآية أنه قال: هذا مثل ضربه الله تعالى لقلوب بني آدم كانت الأرض في يد الرحمن طينة واحدة فسطحها وبطحها فصارت قطعا متجاورة فينزل عليها الماء من السماء فتخرج هذه زهرتها وثمرها وشجرها وتخرج نباتها وتخرج هذه سبخها وملحها وخبثها وكلتاههما تسقى بماء واحد فلو كان الماء ملحا قيل إنما استبسخت هذه من قبل الماء، كذلك الناس خلقوا من آدم عليه السلام فينزل عليهم من السماء
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»