تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٢ - الصفحة ١٩٤
والجزم، والابنان. وأبو عمرو بالنون والجزم، وكسر العين الحرميان، واختلف عن قنبل في إثبات الياء وحذفها، ويروى عن ابن كثير - نرتع - بالنون * (ويلعب) * بالياء، وهي قراءة جعفر بن محمد، وقرأ العلاء بن سيابة * (يرتع) * بالياء وكسر العين مجزوما محذوف اللام * (ويلعب) * بالياء أيضا وضم الباء على أنه مستأنف أو خبر مبتدأ محذوف أي وهو يلعب.
وقرأ مجاهد. وقتادة. وابن محيصن - نرتع - بنون مضمونة وعين ساكنة من أرتعنا - ونلعب - بالنون أيضا، وكذلك أبو رجاء إلا أنه بالياء التحتية فيهما، والقراءتان على حذف المفعول أي نرتع المواشي أو غيرها، والفعلان في هذه القراآت كلها مبنيان للفاعل.
وقرأ زيد بن علي رضي الله عنهما * (يرتع ويلعب) * بالياء والبناء للمفعول فيهما، وخرج ذلك على أن نائب الفاعل ضمير غد، والأصل يرتع فيه ويلعب فيه، ثم حذف الجار واتسع فعدى الفعل للضمير فصار يرتعه ويلعبه، ثم بنى للمفعول فاستتر الضمير الذي كان منصوبا لكونه نائبا عن الفاعل، ومن كسر العين من الفعل الأول فهو عنده من المراعاة على ما روي عن مجاهد أي يراعى بعضنا بعضا ويحرسه.
وقال ابن زيد: من رعى الإبل أن نتدرب في الرعي وحفظ المال، أو من رعى النبات والكلأ، والمراد نرعى مواشينا إلا أنه أسند ذلك إليهم مجازا، أو تجوز عن أكلهم بالرعي، وضعف ابن عطية القراءة بإثبات الياء، وقال: إن إثباتها في مثل هذا الموضع لا يجوز إلا في الشعر كقوله: ألم يأتيك والأنباء تنمي * بما لاقت لبون بني زياد وقيل: إن تقدير حذف الحركة في الياء ونحوها للجازم لغة وليس من الضرورة في شيء، وأخرج أبو الشيخ عن مقاتل بن حيان أنه كان يقرأ نلهو ونعلب * (وإنا له لح‍افظون) * أي من أن يناله مكروه، والجملة في موضع الحال والعامل فيها فعل الأمر أو الجواب وليس ذلك من باب الأعمال كما قال أبو حيان لان الحال لا تضمر، وذلك الباب لا بد فيه من الاضمار إذا أعمل الأول، وقد أكدوا مقالتهم بأصناف التأكيد من إيراد الجملة اسمية وتحليتها بأن واللام، وإسناد الحفظ إلى كلهم وتقديم * (له) * على الخبر احتيالا في تحصيل مقصدهم.
* (قال إنى ليحزننىأن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غ‍افلون) * * (قال) * استئناف بياني كأن سائلا يقول: فماذا قال أبوهم لهم؟ فقيل: قال:
* (إنى ليحزنني أن تذهبوا به) * لشدة مفارقته علي وقلة صبري عنه، واللام الداخلة على خبر إن إذا كان مضارعا قيل: تقصره على الحال وهو ظاهر كلام سيبويه، وقيل: تكون له ولغيره، واستدلوا بقوله تعالى: * (إن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة) *، وقيل: إنها للحال إن خلت عن قرينة ومعها تكون لغيره، وجعلوا من ذلك ما في الآية، وبعضهم جعلها هنا للحال، واستشكل بأن الذهاب مستقبل فيلزم تقدم الفعل على فاعله وهو غير جائز لأنه أثره ولا يعقل تقدم الأثر على المؤثر.
وأجيب بأن التقدير قصد. أو توقع أن تذهبوا به، فالكلام على تقدير المضاف وهو الفاعل وليس ذاك أمرا مستقبلا بل حال، ولا يمتنع في مثل ذلك حذف الفاعل لما صرحوا به أنه إنما يمتنع إذا لم يسد مسده شيء وهنا قد سد، ولا يجب أن يكون الساد هو المضاف إليه كما ظن بل لو سد غيره كان الحذف جائزا أيضا، ومن هنا كان تقدير قصدكم أن تذهبوا صحيحا، ويحتمل أن يكون ذلك تقدير معنى لا تقدير إعراب، وقال بعضهم:
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»