كذا فإذا عزم فقد جمع ما تفرق من عزمه ثم صار بمعنى العزم حتى وصل بعلى وأصله التعدية بنفسه، ولا فرق بين أجمع وجمع عند بعض، وفرق آخرون بينهما بأن الأول يستعمل في المعاني والثاني في الأعيان فيقال: أجمعت أمري وجمعت الجيش ولعله أكثري لا دائمي، والمراد بالأمر هنا نحو المكر والكيد * (وشركاءكم) * أي التي زعمتم أنها شركاء لله سبحانه وتعالى، وهو نصب على أنه مفعول معه من الفاعل لأن الشركاء عازمون لا معزوم عليهم، ويؤيد ذلك قراءة الحسن. وابن أبي إسحاق. وأبي عبد الرحمن السلمي. وعيسى الثقفي بالرفع فإن الظاهر أنه حينئذ معطوف على الضمير المرفوع المتصل ووجود الفاصل قائم مقام التأكيد بالضمير المنفصل.
وقيل: إنه مبتدأ محذوف الخبر أي وشركاؤكم يجمعون ونحوه. وقيل: إن النصب بالعطف على * (أمركم) * بحذف المضاف أي وأمر شركائكم بناء على أن أجمع تتعلق بالمعاني والكلام خارج مخرج التهكم بناء على أن المراد بالشركاء الأصنام، وقيل: إنه على ظاهره والمراد بهم من على دينهم. وجوز أن لا يكون هناك حذف والكلام من الإسناد إلى المفعول المجازي على حد ما قيل في * (واسأل القرية) * (يوسف: 82)، وقيل: إن ذاك على المفعولية به لمقدر كما قيل في قوله: علفتها تبنا وماء باردا أي وادعوا شركاءكم كما قرأ به أبي رضي الله تعالى عنه، وقرأ نافع * (فاجمعوا) * بوصل الهمزة وفتح الميم من جمع، وعطف الشركاء على الأمر في هذه القراءة ظاهر بناء على أنه يقال: جمعت شركائي كما يقال: جمعت أمري، وزعم بعضهم أن المعنى ذوي أمركم وهو كما ترى، والمعنى أمرهم بالعزم والإجماع على قصده والسعي في إهلاكه على أي وجه يمكنهم من المكر ونحوه ثقة بالله تعالى وقلة مبالاة بهم، وليس المراد حقيقة الأمر * (ثم لا يكن أمركم) * ذلك * (عليكم غمة) * أي مستورا من غمه إذا ستره، ومنه حديث وائل ابن حجر " لا غمة في فرائض الله تعالى " أي لا تستر ولا تخفى وإنما تظهر وتعلن، والجار والمجرور متعلق - بغمة -، والمراد نهيهم عن تعاطي ما يجعل ذلك غمة عليهم فإن الأمر لا ينهى ويستلزم ذلك الأمر بالإظهار، فالمعنى أظهروا ذلك وجاهروني به فإن الستر إنما يصار إليه لسد باب تدارك الخلاص بالهرب أو نحوه فحيث استحال ذلك في حقي لم يكن للستر وجه، وكلمة * (ثم) * للتراخي في الرتبة، وإظهار الأمر في مقام الإضمار لزيادة التقرير، وقيل: أظهر لأن المراد به ما يعتريهم من جهته عليه السلام من الحال الشديدة عليهم المكروهة لديهم لا الأمر الأول، والمراد بالغمة الغم كالكربة والكرب، والجار والمجرور متعلق بمقدر وقع حالا منها، وثم للتراخي في الزمان، والمعنى ثم لا يكن حالكم غما كائنا عليكم وتخلصوا بهلاكي من ثقل مقامي وتذكيري بآيات الله تعالى، واعترض عليه بأنه لا يساعده قوله تعالى شأنه: * (ثم اقضوا إلي ولا تنظرون) * أي أدوا إلى ذلك الأمر الذي تريدون ولا تمهلوني على أن القضاء من قضى دينه إذا أداه، ومفعوله محذوف كما أشرنا إليه وفيه استعارة مكنية والقضاء تخييل وقد يفسر القضاء بالحكم أي احكموا بما تؤدوه إلى ففيه تضمين واستعارة مكنية أيضا لأن توسيط ما يحصل بعد الإهلاك بين الأمر بالعزم على مباديه وبين الأمر بقضائه من قبيل الفصل بين الشجر ولحائه، والوجه الأول سالم عن ذلك وهو ظاهر، وقييل: المراد بالغمة المعنى الأول وبالأمر ما تقدم وبالنهي الأمر بالمشاورة أي أجمعوا أمركم ثم تشاوروا فيه وفيه بعد لعدم ظهور كلا الترتيبين الدالة عليهما ثم سواء اعتبرت قراءة الجماعة أو قراءة نافع في * (اجمعوا) * وقرىء * (أفضوا) * إلى بالفاء أي انتهوا إلى بشركم أو ابرزوا إلى من أفضى إذا خرج إلى الفضاء كأبرز إذا خرج إلى البراز وهو المكان الواسع.
* (فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجرى إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين) * * (فإن توليتم) * أي بقيتم على إعراضكم عن تذكيري أو أحدثتم إعراضا