الفراء ضم فائه وفتح عينه وهي لغة نادرة، ويقال فيه: فريع كزبير وعليه قول أمية بن الصلت:
حي داود بن عاد وموسى * وفريع بنيانه بالثقال وقيل: هو فيه ضرورة شعر ومنع من الصرف لأنه أعجمي، وحكى أبو الخطاب بن دحية في مروج البحرين عن أبي النصر القشيري في التيسير أنه بلغة القبط اسم للتمساح، والقول بأنه لم ينصرف لأنه لا سمي له كابليس عند من أخذخ من أبلس ليس بشيء، وقيل: هو وأضرا به السابقة أعلام أشخاص وليست من علم الجنس لجمعها على فراعنة وقياصرة وأكاسرة، وعلم الجنس لا يجمع فلا بد من القول بوضع خاص لكل من تطلق عليه. وتعقب بأنه ليس بشيء لأن الذي غره قول الرضى إن علم الجنس لا يجمع لأنه كالنكرة شامل للقليل والكثير لوضعه للماهية فلا حاجة لجمعه، وقد صرح النحاة بخلافه وممن ذكر جمعه السهيلي في الروض الأنف فكأن مراد الرضى أنه لا يطرد جمعه وما ذكره تعسف نحن في غنى عنه * (وملائه) * أي أشراف قومه وتخصيصهم بالذكر مع عموم بعثته عليه السلام لقومه كافة لاصالتهم في تدبير الأمور واتباع غيرهم لهم في الورود والصدور * (فظلموا بها) * أي بالآيات، وأصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه وهو يتعدى بنفسه لا بالباء إلا أنه لما كان هو والكفر من واد واحد عدى تعديته أو هو بمعنى الكفر مجازا أو تضمينا أو هو مضمن معنى التكذيب أي ظلموا كافرين بها أو مكذبين بها، وقول بعضهم: إن المعنى كفروا بها مكان الإيمان الذي هو من حقها لوضوحها ظاهر في التضمين كأنه قيل كفروا بها واضعين الكفر في غير موضعه حيث كان اللائق بهم الإيمان.
وقيل: الباء للسببية ومفعول ظلموا محذوف أي ظلموا الناس بصدهم عن الإيمان أو أنفسهم كما قال الحسن. والجبائي بسببها، والمراد به الاستمرار على الكفر بها إلى أن لقوا من العذاب ما لقوا.
* (فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) * أي آخر أمرهم، ووضع المفسدين موضع ضميرهم للإيذان بأن الظلم مستلزم للافساد، والفاء لأنه كما أن ظلمهم بالآيات مستتبع لتلك العاقبة الهائلة كذلك حكايته مستتبع للأمر بالنظر إليها، والخطاب إما للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل من يتأتى منه النظر، و * (كيف) * كما قال أبو البقاء وغيره خبر كان قدم على اسمها لاقتضائه الصدارة، والجملة في حيز النصب باسقاط الخافض كما، قيل: أي فانظر بعين عقلك إلى كيفية ما فعلنا بهم.
* (وقال موسى يافرعون إنى رسول من رب العالمين) *.
* (وقال موسى) * كلام مبتدأ مسوق لتفصيل ما أجمل فيما قبله.
يافرعون إني رسول) * أي إليكم كما يشعر به قد جئتكم أو إليك كما يشعر به فأرسل * (من رب العاالمين) * أي سيدهم ومالك أمرهم.
* (حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معى بنىإسراءيل) *.
* (حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق) * جواب لتكذيبه عليه السلام المدلول عليه بقوله سبحانه: * (فظلموا بها) * (الأعراف: 103)، وحقيق صفة رسول أو خبر بعد خبر.
وقيل: خبر مبتدأ محذوف أي أنا حقيق وهو بمعنى جدير و * (على) * بمعنى الباء كما قال الفراء أو بمعنى حريص و * (على) * على ظاهرها، قال أبو عبيدة: أو بمعنى واجب، واستشكل بأن قول الحق هو الواجب على موسى عليه السلام لا العكس والكلام ظاهر فيه، وأجيب بأن أصله حقيق على بتشديد الياء كما في قراءة نافع. ومجاهد * (أن لا أقول) * الخ فقلب لأمن الالتباس كما في قول خراش بن زهير: كذبتم وبيت الله حتى تعالجوا * قوادم حرب لا تلين ولا تمرى