* (تضرعا وخيفة) * حسب اختلاف المقام * (ودون الجهر) * أي دون أن يظهر ذلك منك بل تكون ذاكرا به له * (بالغدو) * أي وقت ظهور نور الروح * (والآصال) * أي وقت غلبات صفات النفس * (ولا تكن) * في وقت من الأوقات * (من الغافلين) * (الأعراف: 205) عن شهود الحدة الذاتية، وقال بعض الأكابر: إن قوله سبحانه: * (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة) * إشارة إلى أعلى المراتب وهو حصة الواصلين المشاهدين، وقوله سبحانه وتعالى: * (ودون الجهر) * إشارة إلى المرتبة الوسطى وهي نصيب السائرين إلى مقام المشاهدة، وقوله جل شأنه: * (ولا تكن من الغافلين) * إيماء إلى مرتبة النازلين من السالكين، وفي ذكر الخوف اشعارء باستشعار هيبة الجلال كما قال:
أشتاقه فإذا بدا * أطرقت من اجلاله لا خيفة بل هيبة * وصيانة لجمالة وذكروا أن حال المتدي والسالك منوطة برأي الشيخ فإنه الطبيب لأمراض القلوب فهو أعرف بالعلاج، فقد يرى له رفع الصوت بالذكر علاجا حيث توقف قطع الخواطر وحديث النفس عليه، وفي عوارف المعارف للسهر وردي قدس سره لا يزال العبد يردد هذه الكلمة وسهلت على اللسان تشربها القلب ويصير الذكر حينئذ ذكر الذات، وهذا الذكر هو المشاهدة والمكاشفة والمعاينة، وذاك هو المقصد الأقصى من الخلوة، وقد يحصل ما ذكر بتلاوة القرآن أيضا إذا أكثر التلاوة واجتهد في مواطأة القلب مع اللسان حتى تجري التلاوة على اللسان وتقوم مقام حديث النفس فيدخل على العبد سهولة في التلاوة والصلاة ا ه.
ونقل عنه أيضا ما حاصله أن بنية العبد تحكي مدينة جامعة، وأعضاؤه وجوارحة بمثابة سكان المدينة، والعبد في إقباله على الذكر كمؤذن صعد منارة على باب المدينة يقصد اسماع أهل المدينة الأذان، فالذكر المحقق يقصد إيقاظ قلبه وانباء أجزائه وأبعاضه بذكر لسانه فهو يقول ببعضه ويسمع بكله إلى أن تنتقل الكلمة من اللسان إلى القلب فيتنور بها ويظفر بجدوى الأحوال ثم ينعكس نور القلب على القالب فيتزين بمحاسن الأعمال ا ه.
* (إن الذين عند ربك) * وهم الفانون الباقون به سبحانه وتعالى أرباب الاستقامة * (لا يستكبرون عن عبادته) * لعدم احتجابهم بالانانية * (ويسبحونه) * بنفيها * (وله يسجدون) * (الأعراف: 206) بالفناء التام وطمس البقية والله تعالى هو الباقي ليس في الوجود سواه.
سورة الأنفال مدنية كما روي عن زيد بن ثابت. وعبد الله بن الزبير، وجاء ذلك في رواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير انه سئل الحبر عنها فقال: تلك سورة بدر، وفي رواية أخرى انه قال: نزلت في بدر، وقيل: هي مدينة إلا قوله سبحانه وتعالى: * (وإذ يمكر بك الذين كفروا) * (الأنفال: 30) الآية فانها نزلت بمكة على ما قاله مقاتل، ورد به صح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ان هذه الآية بعينها نزلت بالمدينة، وجمع بعضهم بين القولين بما لا يخلو عن نظر. واستثنى آخرون قوله تعالى: * (يا أيها النبي حسبك الله) * (الأنفال: 64) الآية وصححه ابن العربي وغيره، ويؤيده ما أخرجه البزار عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنها نزلت لما أسلم