تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٩ - الصفحة ١٥٦
وهي القلب * (ليسكن إليها) * أي ليميل إليها ويطمئن فكانت الروح تشم من القلب نسائم نفحان الألطاف * (فلما تغشاها) * أي جعامعها وهو إشارة إلى النكاح الروحاني والصوفية يقولون: إنه سائر في جميع الموجودات ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت * (حملت حملا خفيفا) * في البداية بظهور أدنى أثر من آثار الصفات البشرية في القلب الروحاني * (فلما أثقلت) * كبرت وكثرت آثار الصفات * (دعوا الله ربهما) * لأنهما خافا من تبدل الصفات الروحانية النورانية بالصفات النفسانية الظلمانية * (لئن آتيتنا صالحا) * للعبودية * (لنكونن من الشاكرين فلما آتاهما صالحاف) * بحسب الفطرة من القوى * (جعلا له شركاء فيما آتاهما) * (الأعراف: 189، 190) أي جعل أولادهما لله تعالى شركاء فيما آتي أولادهما فمنهم عبد البطن ومنهم عبد الخميصة ومنهم من عبد الردهم والدينار * (إن الذين تدعون من دون الله) * كائنا ما كان * (عباد أمثالكم) * في العجز وعدم التأثير * (فادعوهم) * إلى أي أمر كان * (فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين) * (الأعراف: 194) في نسبة التأثير إليهم * (ألهم أرجل يمشون بها) * استفهام على سبيل الإنكار أي ليس لهم أرجل يمشون بها بل بالله عز وجل إذ هو الذي يمشيهم وكذا يقال فيها بعد * (قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون) * (الأعراف: 195) إن استطعتم * (إن ولي الله) * حافظي ومتولي أمري * (الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين) * (الأعراف: 196) أي من قام به في حال الاستقامة * (وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون) * الحق ولا حقيقتك لأنهم عمي القلوب في الحقيقة، والضمير للكفار * (خذو العفو) * أي السهل الذي يتيسر لهم ولا تكلفهم ما يشق عليهم * (وأمر بالعرف) * أي بالوجه الجميل، * (وأعرض عم الجاهلين) * (الأعراف: 199) فلا تكافئهم بجهلهم. عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية قيل وذلك لقوة دلالتها على التوحيد فإن من شاهد مالك النواصي وتصرفه في عباده وكونهم فيما يأتون ويطرون به سبحانه وتعالى لا بأنفسهم لا يشاقهم ولا يداقهم في تكاليفهم ولا يغضب في الأمر والنهي ولا يتشدد ويحلم عنهم، * (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله) * (الأعراف: 200) بالشهود والحضور فإنك ترى حينئذ أن لا فعل لغيره سبحانه، وهذا إشارة إلى ما يعتري الإنسان أحيانامن الغضب وإيماء إلى علاجه بالاستعاذة قال بعضهم: إن الغضب إنما يهيج بالإنسان إذا استقبح من المغضوب عليه عملا من الأعمال ثم اعتقد في نفسه كونه قادرا وفي المغضوب عليه كونه عاجزا، وإذا انكشف له نور من عالم العقل عرف أن المغضوب عليه إنما أقدم على ذلك العمل لأن الله تعالى خلق فيه داعية وقد سبقت عليه الكلمة الازلية فلا سبيل له إلى تركه وحينئذ يتغير غضبه. وقد ورد من عرف سر الله تعالى في القدر هانت عليه المصائب، الاستعاذة بالله تعالى في المعنى طلب الالتجاء إليه باستكشاف ذلك النور، * (إن الذين اتقوا) * الشرك * (إذا مسهم طائف من الشيطان) * لمة منه بنسبة الفعل إلى غيره سبحانه وتعالى: * (تذكروا) * مقام التوحيد ومشاهدة الأفعال من الله تعالى: * (فإذا هم مبصرون) * (الأعراف: 201) فعالية الله تعالى لا شيطان ولا فاعل غيره سبحانه في نظرهم * (واخوانهم أي اخوان الشياطين من المحجوبين * (يمدونهم) * الشياطين في الغي وهو نسبة الفعل إلى سوى * (ثم لا يقصرون) * (الأعراف: 102) عن العناد والمراء والجدل، و * (قالوا لولا اجتبيتها) * أي جمعتها من تلقاء نفسك * (قل إنما أتبع ما يوحي إلى من ربي) * (الأعراف: 203) لأني قائم به لا بنفسي * (وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له) * أي للقرآن بآذانكم الظاهرة * (ونصتوا) * بحواسكم الباطنة، وجوز أن يكون ضمير له للرب سبحانه، أي إذا قرىء القرآن فاستمعوا للرس جل شأنه فإنه المتكلم والمخاطب لكم به * (لعلكم ترجموت) * (الأعراف: 204) بالسمع الحقيقي أو برحمة تجلي المتكلم في كلامه بصفاته وأفعاله * (واذكر ربك في نفسك) * بأن تتحلى بما يمكن التحلي به من صفات الله تعالى، وقيل: هو على حد * (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة) *
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»