تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٨ - الصفحة ١٠٤
وتفسير الريش بالزينة مروي عن ابن زيد. وذكر بعض المحققين أنه مشترك بين الاسم والمصدر، وعن ابن عباس ومجاهد والسدي أن المراد به المال ومنه تريش الرجل أي تمول، وعن الأخفش أنه الخصب والمعاش، وقال الطبرسي: إنه جمع ما يحتاج إليه. وقرأ عثمان رضي الله تعالى عنه * (ورياشا) * وهو إما مصدر كاللباس أو جمع ريش كشعب وشعاب.
* (ولباس التقوى) * أي العمل الصالح كما روي عن ابن عباس أو خشية الله تعالى كما روي عن عروة بن الزبير أو الحياء كما روي عن الحسن أو الإيمان كما روي عن قتادة والسدي أو ما يستر العورة وهو اللباس الأول كما روي عن ابن زيد أو لباس الحرب الدرع والمغفر والآلات التي يتقى بها من العدو كما روي عن زيد بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم، واختاره أبو مسلم أو ثياب النسك والتواضع كلباس الصوف والخشن من الثياب كما اختاره الجبائي، فاللفظ إما مشاكلة وإما مجاز وإما حقيقة، ورفعه بالابتداء وخبره جملة * (ذلك خير) * والرابط اسم الإشارة لأنه يكون رابطا كالضمير. وجوز أن يكون الخبر * (خير) * و * (ذلك) * صفة لباس، وإليه ذهب الزجاج وابن الأنباري وغيرهما. واعترض بأن الأسماء المبهمة أعرف من المعرف باللام ومما أضيف إليه والنعت لا بد أن يساوي المنعوت في رتبة التعريف أو يكون أقل منه. ولا يجوز أن يكون أعرف منه فلذا قيل. إن * (ذلك) * بدل أو بيان لا نعت. وأجيب بأن ذلك غير متفق عليه فإن تعريف اسم الإشارة لكونه بالإشارة الحسية الخارجة عن الوضع قيل: إنه أنقص من ذي اللام، وقيل: إنهما في مرتبة واحدة، وعن أبي علي وهو غريب أن ذلك لا محل له من الإعراب وهو فصل كالضمير. وقرىء * (ولباس التقوى) * بالنصب عطفا على * (لباسا) * قال بعض المحققين: وحينئذ يكون اللباس المنزل ثلاثة أو يفسر * (لباس التقوى) * بلباس الحرب أو يجعل الإنزال مشاكلة، وذكر على القراءة المشهورة أن * (ذلك) * إن كان إشارة للباس المواري فلباس التقوى حقيقة والإضافة لأدنى ملابسة، وإن كان للباس التقوى فهو استعارة مكنية تخييلية أو من قبيل - لجين الماء - وعلى كل تكون الإشارة بالبعيد للتعظيم بتنزيل البعد الرتبي منزلة البعد الحسي فتأمل ولا تغفل. * (ذلاك) * أي إنزال اللباس المتقدم كله أو الأخير * (من آيات الله) * الدالة على عظيم فضله وعميم رحمته * (لعلهم يذكرون) * فيعرفون نعمته أو يتعظون فيتورعون عن القبائح.
* (ي‍ابنىآدم لا يفتننكم الشيط‍ان كمآ أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهمآ إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشي‍اطين أوليآء للذين لا يؤمنون) *.
* (يابني آدم) * تكرير النداء للإيذان بكمال الاعتناء بمضمون ما صدر به * (لا يفتننكم الشيطان) * أي لا يوقعنكم في الفتنة والمحنة بأن يوسوس لكم بما يمنعكم به عن دخول الجنة فتطيعوه وقرىء * (يفتننكم) * بضم حرف المضارعة من أفتنه حمله على الفتنة، وقرىء * (يفتنكم) * بغير توكيد، وهذا نهي للشيطان في الصورة والمراد نهي المخاطبين عن متابعته وفعل ما يقود إلى الفتنة * (كما أخرج أبويكم من الجنة) * أي كما فتن أبويكم ومحنهما بأن أخرجهما منها فوضع السبب موضع المسبب، وجوز أن يكون التقدير لا يفتننكم فتنة مثل فتنة إخراج أبويكم أو لا يخرجنكم بفتنته إخراجا مثل إخراجه أبويكم، ونسبة الإخراج إليه لأنه كان بسبب إغوائه، وكذا نسبة النزع إليه في قوله سبحانه: * (ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما) * والجملة حال من * (أبويكم) * أو من فاعل * (أخرج) * ولفظ المضارع على
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»