تعالى: * (فنسي ولم نجد له عزما) * (طه: 115) وجعل العتاب الآتي على ترك التحفظ فتدبر.
* (فلما ذاقا الشجرة) * أي أكلا منها أكلا يسيرا * (بدت لهما سوءاتهما) * قال الكلبي: تهافت عنهما لباسهما فأبصر كل منهما عورة صاحبه فاستحيا * (وطعفقا) * أخذا وجعلا فهو من أفعال الشروع وكسر الفاء فيه أفصح من فتحها وبه قرأ أبو السمال * (يخصفان) * أي يرقعان ويلزقان ورقة فوق ورقة، وأصل معنى الخصف الخرز في طاقات النعال ونحوها بءلصاق بعضها ببعض. وقيل أصله الضم والجمع * (عليهما) * أي على سوآتهما أو على بدنهما ففي الكلام مضاف مقدر. وقيل: الضمير عائد على * (سوءاتهما) *.
* (من ورق الجنة) * وكان ذلك بعض ورق التين على ما روي عن قتادة. وقيل: الموز. وقرأ الزهري * (يخصفان) * من أخصف، وأصله خصف إلا أنه - كما قال الجاربردي - نقل إلى أخصف للتعدية، وضمن الفعل لذلك معنى التصيير فصار الفاعل في المعنى مفعولا للتصيير (على أصل) الفعل فيكون التقدير يخصفان أنفسهما أي يجعلان أنفسهما خاصفين عليهما من ورق الجنة فحذف مفعول التصير. وجوز بعضهم كون خصف وأخصف بمعنى. وقرأ الحسن * (يخصفان) * بفتح الياء وكسر الخاء وتشديد الصاد من ازفتعال، وأصله يختصفان سكنت التاء وأدغمت ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين. وقرأ يعقوب بفتحها. وقرىء * (يخصفان) * من خصف المشدد بفتح الخاء وقد ضمت اتباعا للياء وهي قراءة عسرة النطق.
* (وناداهما ربهما) * بطريق العتاب والتوبيخ * (ألم أنهكما) * تفسير للنداء فلا محل له من الإعراب أو معمول لقول محذوف أي وقال أو قائلا: ألم أنهكما * (عن تلكما الشجرة) * إشارة إلى الشجرة التي نهيا عن قربانها. والتثنية لتثنية المخاطب. * (وأقل لكما) * عطف على * (أنهكما) * أي ألم أقل لكما * (إن الشيطان لكما عدو مبين) * أي ظاهر العداوة، وهذا - على ما قيل -: عتاب وتوبيخ على الإغترار بقول العدو كما أن الأول عتاب على مخالفة النهي. ولم يحك هذا القول ههنا، وقد حكي في سورة طه (117) بقوله سبحانه: * (إن هذا عدو لك ولزوجك) * الآية و * (لكما) * متعلق بعدو لما فيه من معنى الفعل أو بمحذوف وقع حالا منه.
واستدل بعضهم بالآية على أن مطلق النهي للتحريم لما فيها من اللوم الشديد مع الندم والاستغفار المفهوم مما يأتي. والأكثرون على أن النهي هنا للتنزيه وندمهما واستغفارهما على ترك الأولى وهو في نظرهما عظيم وقد يلام عليه أشد اللوم إذا كان فاعله من المقربين.
* (قالا ربنا ظلمنآ أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) *.
* (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا) * أي ضررناها بالمعصية، وقيل: نقصناها حظها بالتعرض للإخراج من الجنة، وحذفا حرف النداء مبالغة في التعظيم لما أن فيه طرفا من معنى الأمر. * (وإن لم تغفر لنا) * ذلك بعدم العقاب عليه * (وترحمنا) * بالرضا علينا، وقيل: المراد وإن لم تستر علينا بالحفظ عما يتسبب نقصان الحظ وترحمنا بالتفضل علينا بما يكون عوضا عما فاتنا * (لنكونن من الخاسرين) * جواب قسم مقدر دل على جواب الشرط السابق على ما قيل. واستدل بالآية على أن الصغائر يعاقب عليها مع اجتناب الكبائر إن لم يغفر الله تعالى. وذهبت المعتزلة إلى أن اجتناب الكبائر يوجب تكفير الصغائر وإن لم يتب العبد منها، وجعلوا لذلك ما ذكر هنا جاريا على عادة الأولياء والصالحين في تعظيمهم الصغير من