تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٧ - الصفحة ٥٨
باهرة حرية بتذكير وقتها صريحا. وما في النظم الكريم أبلغ من تحيي الموتى فلذا عدل عنه إليه. وقد تقدم الكلام في بيان من أحياهم عليه الصلاة والسلام مع بيان ما ينفعك في هذه الآية في سورة آل عمران (49) چ وذكر " بإذني " هنا أربع مرات وثمة مرتين قالوا: لأنه هنا للامتنان وهناك للإخبار فناسب هذا التكرار هنا.
* (وإذ كففت بني إسرائيل عنك) * يعني اليهود حين هموا بقتله ولم يتمكنوا منه. * (إذ جئتهم بالبينات) * أي المعجزات الواضحة مما ذكر وما لم يذكر وهو ظرف لكففت مع اعتبار قوله تعالى: * (فقال الذين كفروا منهم إن ه‍اذا إلا سحر مبين) * وهو مما يدل على أنهم قصدوا اغتياله عليه الصلاة والسلام المحوج إلى الكف أي كففتهم عنك حين قالوا ذلك عند مجيئك إياهم بالبينات، ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بما في حيز الصلة. فكلمة من بيانية وهذا إشارة إلى ما جاء به. وقرأ حمزة والكسائي " إلا ساحر " فالإشارة إلى عيسى عليه الصلاة والسلام، وجعل الإشارة إليه على القراءة الأولى وتأويل السحر بساحر لتتوافق القراءتان لا حاجة إليه.
* (وإذ أوحيت إلى الحواريين أن ءامنوا بى وبرسولى قالوا ءامنا واشهد بأننا مسلمون) *.
* (وإذ أوحيت إلى الحواريين) * أي أمرتهم في الإنجيل على لسانك أو أمرتهم على ألسنة رسلي. وجاء استعمال الوحي بمعنى الأمر في كلام العرب كما قال الزجاج وأنشد: الحمد لله الذي استقلت باذنه السماء واطمأنت أوحى لها القرار فاستقرت أي أمرها أن تقر فامتثلت، وقيل: المراد بالوحي إليهم إلهامه تعالى إياهم كما في قوله تعالى: * (وأوحى ربك إلى النحل) * (النحل: 68) * (وأوحينا إلى أم موسى) * (القصص: 7) وروي ذلك عن السدي وقتادة وإنما لم يترك الوحي على ظاهره لأنه مخصوص بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام والحواريون ليسوا كذلك، وقد تقدم المراد بالحواريين (في سورة رل عمران: 52). وأن قوله تعالى: * (أن ءامنوا بي وبرسولي) * مفسرة لما في الإيحاء من معنى القول، وقيل: مصدرية أي بأن ءامنوا الخ. وتقدم الكلام في دخولها على الأمر، والتعرض لعنوان الرسالة للتنبيه على كيفية الإيمان به عليه الصلاة والسلام والرمز إلى عدم إخراجه عليه الصلاة والسلام عن حده حطا ورفعا * (قالوا ءامنا) * طبق ما أمرنا به * (واشهد بأننا مسلمون) * مخلصون في إيماننا أو منقادون لما أمرنا به.
* (إذ قال الحواريون ياعيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مآئدة من السمآء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين) *.
* (إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم) * منصوب ب * (اذكر) * (المائدة: 110) على أنه ابتداء كلام لبيان ما جرى بينه عليه الصلاة والسلام وبين قومه منقطع عما قبله كمال يشير إليه الإظهار في مقام الاضمار. وجوز أن يكون ظرفا ل‍ * (قالوا) * (المائدة: 111) وفيه - على ما قيل حينئذ - تنبيه على أن ادعاءهم الإخلاص مع قولهم * (هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء) * لم يكن عن تحقيق منهم ولا عن معرفة بالله تعالى وقدرته سبحانه لأنهم لو حققوا وعرفوا لم يقولوا ذلك إذ لا يليق مثله بالمؤمن بالله عز وجل. وتعقب هذا القول الحلبي بأنه خارق للإجماع. وقال ابن عطية لا خلاف أحفظه في أنهم كانوا مؤمنين وأيد ذلك بقوله تعالى: * (فمن يكفر بعد منكم) * (المائدة: 115) وبأن وصفهم بالحواريين ينافي أن يكونوا على الباطل وبأن الله تعالى أمر المؤمنين بالتشبه بهم والإقتداء بسنتهم في قوله عز من قائل: * (كونوا أنصار الله) * (الصف: 14) الآية وبأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مدح الزبير " إن لكل نبي حواريا وإن حواري الزبير " والتزم القول بأن الحواريين فرقتان مؤمنون وهم خالصة عيسى عليه الصلاة والسلام
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»