تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٧ - الصفحة ١٩٣
يمن عليكم بالفناء * (ثم أنتم) * بعد علمكم بقدرته تعالى على ذلك * (تشركون) * (الأنعام: 64) به أنفسكم وأهواءكم فتعبدونها * (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) * بأن يحجبكم عن النظر في الملكوت أو بأن يقهركم باحتجابكم بالمعقولات والحجب الروحانية * (أو من تحت أرجلكم) * بأن لا يسهل عليكم القيام على باب الربوبية بنعت الخدمة وطلب الوصلة أو بأن يحجبكم بالحجب الطبيعية * (أو يلبسكم شيعا) * فرقا مختلفة كل فرقة على دين قوة من القوى تقابل الفرقة الأخرى أو يجعل أنفسكم مختلفة العقائد كل فرقة على دين دجال * (ويذيق بعضكم بأس بعض) * (الأنعام: 65) بالمنازعات والمجادلات حسبما يقتضيه الاختلاف * (لكل نبأ) * أي ما ينبأ عنه * (مستقر) * أي محل وقوع واستقرار * (وسوف تعلمون) * (الأنعام: 67) حين يكشف عنكم حجب أبدانكم * (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا) * بإظهار صفات نفوسهم وإثبات العلم والقدرة لها * (فأعرض عنهم) * (الأنعام: 68) لأنهم محجوبون مشركون * (وما على الذين يتقون) * وهم المتجردون عن صفاتهم * (من حسابهم) * أي من حساب هؤلاء المحجوبين * (من شيء ولكن ذكرى) * أي فليذكروهم بالزجر والردع * (لعلهم يتقون) * (الأنعام: 69) يحترزون عن الخوض.
وجوز أن يكون المعنى أن المتجردين لا يحتجبون بواسطة مخالطة المحجوبين ولكن ذكرناهم لعلهم يزيدون في التقوى * (وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا) * أي اترك الذين عادتهم اللعب واللهو الخ فإنهم قد حجبوا بما رسخ فيهم عن سماع الإنذار وتأثيره فيهم * (وذكر به) * أي بالقرآن كراهة * (أن تبسل نفس بما كسبت) * أي تحجب بكسبها بأن يصير لها ملكة أي ذكر من لم يكن دينه اللعب واللهو لئلا يكون دينه ذلك وأما من وصل إلى ذلك الحد فلا ينفعه التذكير * (أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم) * وهو شدة الشوق إلى الكمال * (وعذاب أليم) * (الأنعام: 70) وهو الحرمان عنه بسبب الاحتجاب بما كسبوا * (قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا " أي أنعبد من ليس له قدرة على شيء أصلا إذ لا وجود له حقيقة * (نرد على أعقابنا) * بالشرك * (بعد إذ هدانا الله) * إلى التوحيد الحقيقي * (كالذي استهوته الشياطين) * من الوهم والتخيل * (في الأرض) * أي أرض الطبيعة ومهامه النفس * (حيران) * لا يدري أين يذهب * (له أصحاب) * من الفكر والقوى النظرية * (يدعونه إلى الهدى) * الحقيقي يقولون * (ائتنا) * فإن الطريق الحق عندنا وهو لا يسمع * (قل إن هدى الله) * وهو طريق التوحيد * (هو الهدى) * وغيره غيره * (وأمرنا لنسلم لرب العالمين) * بمحو صفاتنا (الأنعام: 71) * (وأن أقيموا الصلاة) * الحقيقية وهو الحضور القلبي. قال ابن عطاء: إقامة الصلاة حفظها مع الله تعالى بالأسرار * (واتقوه) * أي اجعلوه سبحانه وقاية بالتخلص عن وجودكم * (وهو الذي إليه تحشرون) * (الأنهام: 72) بالفناء فيه سبحانه * (وهو الذي خلق السموات) * أي سموات الأرواح * (والأرض) * أي أرض الجسم * (بالحق) * أي قائما بالعدل الذي هو مقتضى ذاته * (ويوم يقول كن فيكون) * وهو وقت تعلق إرادته سبحانه القديمة بالظهور في التعينات * (قوله الحق) * لاقتضائه ما اقتضاه على أحسن نظام وليس في الإمكان أبدع مما كان * (وله الملك يوم ينفخ في الصور) * وهو وقت إفاضة الأرواح على صور المكنونات التي هي ميتة بأنفسها بل لا وجود لها ولا حياة. * (عالم الغيب) * أي حقائق عالم الأرواح ويقال له الملكوت * (والشهادة) * أي صور عالم الأشباح ويقال له الملك * (وهو الحكيم) * الذي أفاض على القوابل حسب القابليات * (الخبير) * (الأنعام: 73) بأحوالها ومقدار قابلياتها لا حكيم غيره ولا خبير سواه.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»