تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٧ - الصفحة ١٨٩
حيز المنع. والاستهواء استفعال من هوى في الأرض يهوي إذا ذهب كما هو المعروف في اللغة كأنها طلبت هويه وحرصت عليه أي كالذي ذهبت به مردة الجن في المهامه والقفار. والكلام من المركب العقلي أو من التمثيل حيث شبه فيه من خلص من الشرك ثم نكص على عقبيه بحال من ذهبت به الشياطين في المهمه وأضلته بعد ما كان على الجادة المستقيمة. وليس هذا مبنيا على زعمات العرب كما زعم من استهوته الشياطين. وادعى بعضهم أن استهوى من هوى بمعنى سقط يقال: هوى يهوي هويا بفتح الهاء إذا سقط من أعلى إلى أسفل. والمقصود " تشبيه حال هذا الضال بحال من سقط من الموضع العالي إلى الوهدة السافلة العميقة لأنه في غاية الاضطراب والضعف والدهشة. ونظير ذلك قوله تعالى: * (من يشرك بالله فكأنما خر من السماء) * (الحج: 31) - وفيه بعد وإن قال الإمام -: إنه أولى من المعنى الأول " مع أنه يتوقف على ورود الاستفعال من هوى بهذى المعنى، وجوز أبو البقاء في " الذي " أن يكون مفردا أي كالرجل أو كالفريق الذي وأن يكون جنسا. والمراد الذين. قرأ حمزة * (استهواه) * بألف ممالة مع التذكير.
* (في الأرض) * أي جنسها. والجار متعلق باستهوته أو بمحذوف وقع حالا من مفعوله أي كائنا في الأرض. وكذا قوله سبحانه: * (حيران) * حال منه أيضا على أنها بدل من الأولى أو حال ثانية عند من يجيزها أو من " الذي " أو من المستكن في الظرف. وجوز أبو البقاء أن يكون الجار حالا من * (حيران) * وهو ممنوع من الصرف ومؤنثه حيرى أي تائها ضالا عن الجادة لا يدري ما يصنع.
* (له) * أي للمستهوي * (أصحاب) * أرى رفقة * (يدعونه إلى الهدى) * أي الطريق المستقيم أطلق عليه مبالغة على حد - زيد عدل - والجار الأول متعلق بمحذوف وقع خبرا مقدما و * (أصحاب) * مبتدأ، والجملة إما في محل نصب على أنها صفة لحيران أو حال من الضمير فيه أو من الضمير في الظرف أو بدل من الحال التي قبلها. وإما لا محل لها على أنها مستأنفة، وجملة * (يدعونه) * صفة لأصحاب. وقوله سبحانه: * (ائتنا) * يقدر فيه قول على أنه بدل من * (يدعونه) * أو حال من فاعله. وقيل: محكي بالدعاء لأنه بمعنى القول. وهذا مبني على الخلاف بين البصريين والكوفيين في أمثال ذلك. والمشهور التقدير أي يقول ائتنا.
وفيه إشارة إلى أنهم مهتدون ثابتون على الطريق المستقيم وأن من يدعونه ليس ممن يعرف الطريق ليدعى إلى إتيانه وإنما يدرك سمت الداعي ومورد النعيق. وقرأ ابن مسعود كما رواه ابن جرير وابن الأنباري عن أبي إسحق " بينا " على أنه حال من الهدى أي واضحا.
* (قل) * لهؤلاء الكفار * (إن هدى الله) * الذي هدانا إليه وهو الإسلام * (هو الهدى) * أي وحده كما يدل عليه تعريف الطرفين أو ضمير الفصل وما عداه ضلال محض وغي صرف. وتكرير الأمر للاعتناء بشأن المأمور به أو لأن ما سبق للزجر عن الشرك وهذا حث على الإسلام وهو توطئة لما بعده فإن اختصاص الهدى بهداه تعالى مما يوجب امتثال الأوامر بعده * (وأمرنا) * عطف على * (أن هدى الله هو الهدى) * داخل معه تحت القول، واللام في قوله سبحانه: * (لنسلم) * للتعليل ومفعول * (أمرنا) * الثاني محذوف أي أمرنا بالإخلاص لكي ننقاد ونستسلم * (لرب العالمين) *، وقيل: هي بمعنى الباء أي أمرنا بالإسلام. وتعقبه أبو حيان بأنه غريب لا تعرفه النحاة، وقيل: زائدة أي أمرنا أن نسلم على حذف الباء، وقال الخليل وسيبويه ومن
(١٨٩)
مفاتيح البحث: الحج (1)، الوقوف (1)، الضلال (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»