تابعهما: الفعل في هذا وفي نحو * (يريد الله ليبين لكم) * (النساء: 26) مؤول بالمصدر وهو مبتدأ واللام وما بعدها خبره أي أمرنا للإسلام، وهو نظير - تسمع بالمعيدى خير من أن تراه - ولا يخفى بعده. وذهب الكسائي والفراء إلى أن اللام حرف مصدري بمعنى أن بعد أردت وأمرت خاصة فكأنه قيل: وأمرنا أن نسلم، والتعرض لوصف ربوبيته تعالى للعالمين لتعليل الأمر وتأكيد وجوب الامتثال به.
* (وأن أقيموا الصلواة واتقوه وهو الذىإليه تحشرون) *.
وقوله تعالى: * (وأن أقيموا الصلواة واتقوه) * أي الرب في مخالفة أمره سبحانه بتقدير حرف الجر وهو عطف على الجار والمجرور السابق، وقد صرح بدخول أن المصدرية على الأمر سيبويه وجماعة، وجوز أن يعطف * (أن أقيموا) * على موضع * (لنسلم) * (الأنعام: 71) كأنه قيل: أمرنا أن نسلم وأن أقيموا. وقيل: العطف على مفعول الأمر المقدر أي أمرنا بالإيمان وإقامة الصلاة، وقيل: على قوله تعالى: * (إن هدى الله) * (الأنعام: 71) الخ أي قل لهم إن هدى الله هو الهدى وأن أقيموا، وقيل: على * (أئتنا) * (الأنعام: 71)، وقيل: غير ذلك. وذكر الإمام أنه كان الظاهر أن يقال: أمرنا لنسلم ولأن نقيم إلا أنه عدل لما ذكر للإيذان " بأن الكافر ما دام كافرا كان كالغائب الأجنبي فخوطب بما خوطب به الغيب وإذا أسلم ودخل في زمرة المؤمنين صار كالقريب الحاضر فخوطب بما يخاطب به الحاضرون ".
وقوله سبحانه: * (وهو الذي إليه تحشرون) * جملة مستأنفة موجبة للامتثال بما أمر به سبحانه من الأمور الثلاثة، وتقديم المعمول لإفادة الحصر مع رعاية الفواصل أي إليه سبحانه لا إلى غيره تحشرون يوم القيامة.
* (وهو الذى خلق السماوات والارض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ فى الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير) *.
* (وهو الذي خلق السماوات والأرض) * أي هذين الأمرين العظيمين. ولعله أريد بخلقهما خلق ما فيهما أيضا، وعدم التصريح بذلك لظهور اشتمالهما على جميع العلويات والسفليات. وقوله سبحانه: * (بالحق) * متعلق بمحذوف وقع حالا من فاعل * (خلق) * أي قائما بالحق، ومعنى الآية حينئذ كما قيل كقوله تعالى: * (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا) * (ص: 27) وجوز أن يكون حالا من المفعول أي متلبسة بالحق، وأن يكون صفة لمصدر الفعل المؤكد أي خلقا متلبسا بالحق.
* (ويوم يقول كن فيكون قوله الحق) * تذييل لما تقدم؛ والواو للاستئناف. واليوم بمعنى الحين متعلق بمحذوف وقع خبرا مقدما و * (قوله) * مبتدأ و * (الحق) * صفته، والمراد بالقول المعنى المصدري أي القضاء الصواب الجاري على وفق الحكمة فلذا صح الإخبار عنه بظرف الزمان أي وقضاؤه سبحانه المعروف بالحقية كائن حين يقول سبحانه لشيء من الأشياء كن فيكون ذلك الشيء وتقديم الخبر للاهتمام بعموم الوقت كما قيل، ونفى السعد كونه للحصر لعدم مناسبته وجعل التقديم لكونه الاستعمال الشائع. وتعقب بأن المعروف الشائع تقديم الخبر الظرفي إذا كان المبتدأ نكرة غير موصوفة أو نكرة موصوفة أما إذا كان معرفة فلم يقله أحد. وقيل: إن * (قوله الحق) * مبتدأ وخبر و * (يوم) * ظرف لمضمون الجملة والواو بحسب المعنى داخلة عليها والتقديم للاعتناء به من حيث إنه مدار الحقية، وترك ذكر المقول له للثقة بغاية ظهوره. والمراد بالقول كلمة * (كن) * تحقيقا أو تمثيلا. والمعنى وأمره سبحانه المتعلق بكل شيء يريد خلقه من الأشياء حين تعلقه به لا قبله ولا بعده من أفراد الأحيان الحق أي المشهود له بالحقية، وقيل: إن الواو للعطف و * (يوم) * إما معطوف على * (السموات) * فهو مفعول لخلق مثله، والمراد به يوم الحشر أي وهو الذي أوجد السموات والأرض وما فيهما