تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٧ - الصفحة ١٠٩
* (ما سكن في الليل والنهار) * أي الوقتين المخصوصين. و (ما) موصولة و * (سكن) * إما من السكنى فيتناول الكلام المتحرك والساكن من غير تقدير، وتعديتها بفي إلى الزمان مع أن حق استعمالها في المكان لتشبيه الاستقرار بالزمان بالاستقرار بالمكان، وجوز أن يكون هناك مشاكلة تقديرية لأن معنى لله ما في السموات والأرض ما سكن فيهما واستقر، والمراد وله ما اشتملا عليه، وإما من السكون ضد الحركة كما قيل، وفي الكلام الاكتفاء بأحد الضدين كما في قوله تعالى: * (سرابيل تقيكم الحر) * (النحل: 81) والتقدير ما سكن فيهما وتحرك وإنما اكتفى بالسكون عن ضده دون العكس لأن السكون أكثر وجودا وعاقبة كل متحرك السكون كما قيل: إذا هبت رياحك فاغتنمها $ فإن لكل خافقة سكون ولأن السكون في الغالب نعمة لكونه راحة ولا كذلك الحركة. ورد بأنه لا وجه للاكتفاء بالسكون عن التحرك في مقام البسط والتقرير وإظهار كمال الملك والتصرف. وأجيب بأن هذا المحذوف في قوة المذكور لسرعة انفهامه من ذكر ضده والمقام لا يستدعي الذكر وإنما يستدعي عموم التغيرات والتصرفات الواقعة في الليل والنهار، ومتى التزم كون السكون مع ضده السريع الانفهام كناية عن جميع ذلك ناسب المقام. وقيل: إن ما سكن يعم جميع المخلوقات إذ ليس شيء منها غير متصف بالسكون حتى المتحرك حال ما يرى متحركا بناء على ما حقق في موضعه من أن تفاوت الحركات بالسرعة والبطء لقلة السكنات المتخللة وكثرتها، وفي معنى الحركة والسكون وبيان أقسام الحركة المشهورة كلام طويل يطلب من محله.
* (وهو السميع) * أي المبالغ في سماع كل مسموع فيسمع هواجس كل ما يسكن في الملوين * (العليم) * أي المبالغ في العلم بكل معلوم من الأجناس المختلفة؛ والجملة مسوقة لبيان إحاطة سمعه وعلمه سبحانه وتعالى بعد بيان إحاطة قدرته جل شأنه أو للوعيد على أقوالهم وأفعالهم ولذا خص السمع والعلم بالذكر، وهي تحتمل أن تكون من مقول القول وأن تكون من مقول الله تعالى.
* (قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السم‍اوات والارض وهو يطعم ولا يطعم قل إنىأمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين) *.
* (قل) * للمشركين بعد توبيخهم بما سبق * (أغير الله أتخذ وليا) * إنكار لاتخاذ غير الله تعالى وليا لا لاتخاذ الولي مطلقا ولذا قدم المفعول الأول وأولى الهمزة ونحوه * (أفغير الله تأمروني أعبد) * (الزمر؛ 64) والمراد بالولي هنا المعبود لأنه رد لمن دعاه صلى الله عليه وسلم، فقد قيل: إن أهل مكة قالوا له عليه الصلاة والسلام: يا محمد تركت ملة قومك وقد علمنا أنه لا يحملك على ذلك إلا الفقر فارجع فإنا نجمع لك من أموالنا حتى تكون من أغنانا فنزلت. واعترض بأن المشرك لم يخص عبادته بغير الله تعالى فالرد عليه إنما يكون لو قيل: أأتخذ غير الله وليا. وأجيب بأن من أشرك بالله تعالى غيره لم يتخذ الله تعالى معبودا لأنه لا يجتمع عبادته سبحانه مع عبادة غيره كما قيل: إذا صافى صديقك من تعادى $ فقد عاداك وانقطع الكلام وقيل: الولي بمعنى الناصر كما هو أحد معانيه المشهورة، ويعلم من إنكار اتخاذ غير الله تعالى ناصرا أنه لا يتخذه معبودا من باب الأولى، ويحتمل الكلام - على ما قيل - أن يكون من الإخراج على خلاف مقتضى الظاهر قصدا إلى إمحاض النصح ليكون أعون على القبول كما في قوله تعالى: * (وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون) * (يس: 22).
* (فاطر السماوات والأرض) * أي مبدعهما كما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»