آمنين ظاهرين، وهدم منار الجاهلية ومناسكها، والنهي عن حج المشركين وطواف العريان، وقيل: بإتمام الهداية والتوفيق باتمام سببهما، وقيل: بإكمال الدين، وقيل: بإعطائهم من العلم والحكمة ما لم يعطه أحدا قبلهم، وقيل: معنى * (أتممت عليكم نعمتي) * أنجزت لكم وعدي بقوله سبحانه: * (وأتممت عليكم نعمتي) * * (ورضيت لكم الاسلام دينا) * أي اخترته لكم من بين الأديان، وهو الدين عند الله تعالى لا غير وهو المقبول وعليه المدار.
وأخرج ابن جبير عن قتادة قال: " ذكر لنا أنه يمثل لأهل كل دين دينهم يوم القيامة، فأما الإيمان فيبشر أصحابه وأهله ويعدهم في الخير حتى يجيء الإسلام فيقول: رب أنت السلام وأنا الإسلام، فيقول: إياك اليوم أقبل وبك اليوم أجزي " وقد نظر في الرضا معنى الاختيار ولذي عدى باللام، ومنهم من جعل الجار - صفة لدين - قدم عليه فانتصب حالا، و * (الإسلام) * و * (دينا) * مفعولا * (رضيت) * إن ضمن معنى صير، أو * (دينا) * منصوب على الحالية من الإسلام، أو تميين من * (لكم) * والجملة - على ما ذهب إليه الكرخي - مستأنفة لا معطوفة على * (أكملت) * وإلا كان مفهوم ذلك أنه لم يرضى لهم الإسلام قبل ذلك اليوم دينا، وليس كذلك إذ الإسلام لم يزل دينا مرضيا لله تعالى. وللنبي صلى الله عليه وسلم. وأصحابه رضي الله تعالى عنهم منذ شرع. والجمهور على العطف، وأجيب عن التقييد بأن المراد برضاه سبحانه حكمه جل وعلا باختياره حكما أبديا لا ينسخ وهو كان في ذلك اليوم، وأخرج الشيعة عن أبي سعيد الخدري أن هذه الآية نزلت بعد أن قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي كرم الله تعالى وجهه في غدير خم: من كنت مولاه فعلى مولاه فلما نزلت قال عليه الصلاة والسلام: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضاء الرب برسالتي وولاية علي كرم الله تعالى وجهه بعدي، ولا يخفى أن هذا من مفترياتهم، وركاكة الخبر شاهدة على ذلك في مبتدأ الأمر، نعم ثبت عندنا أنه صلى الله عليه وسلم قال في حق الأمير كرم الله تعالى وجهه هناك: من كنت مولاه فعلى مولاه وزاد على ذلك - كما في بعض الروايات - لكن لا دلالة في الجميع على ما يدعونه من الإمامة الكبرى والزعامة العظمى كما سيأتي إن شاء الله تعالى غير بعيد.
وقد بسطنا الكلام عليه في كتابنا النفحات القدسية في رد الإمامية ولم يتم إلى الآن ونسأل الله تعالى إتمامه، ورواياتهم في هذا الفصل ينادي لفظها على وضعها، وقد أكثر منها يوسف إلا والى عليه ما عليه * (فمن اضطر) * متصل بذكر المحرمات وما بينهما، وهو سبع جمل - على ما قال الطيبي - اعتراض بما يوجب التجنب عنها، وهو أن تناولها فسق عظيم، وحرمتها في جملة الدين الكامل. والنعمة التامة. والإسلام المرضى، والاضطرار الوقوع في الضرورة، أي فمن وقع في ضرورة تناول شيء من هذه المحرمات * (في مخمصة) * أي مجاعة تخمص لها البطون أن تضمر يخاف معها الموت أو مباديه * (غير متجانف لإثم) * أي غير مائل ومنحرف إليه ومختار له بأن يأكل منها زائدا على ما يمسك رمقه، فإن ذلك حرام كما روي عن ابن عباس. ومجاهد. وقتادة رضي الله تعالى عنهم - وبه قال أهل العراق، وقال أهل المدينة: يجوز أن يشبع عند الضرورة، وقيل: المراد غير عاص بأن يكون باغيا، أو عاديا بأن ينتزعها من مضطر آخر أو خارجا في معصيته، وروي هذا أيضا عن قتادة