تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٦ - الصفحة ٥٨
وإبراهيم. وطاوس. والضحاك. وابن زيد، وقال بعضهم: يشترط الحياة المستقرة وهي التي لا تكون على شرف الزوال وعلامتها على ما قيل: أن يضطرب بعد الذبح لا وقته، وعن علي كرم الله تعالى وجهه. وابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن الاستثناء راجع إلى جميع ما تقدم ذكره من المحرمات سوى ما لا يقبل الذكاة من الميتة. والدم. والخنزير. وما أكل السبع على تقدير إبقائه على ظاهره، وقيل: هو استثناء من التحريم لا من المحرمات، والمعنى حرم عليكم سائر ما ذكر لكن ما ذكيتم مما أحله الله تعالى بالتذكية فإنه حلال لكم.
وروي ذلك عن مالك. وجماعة من أهل المدينة، واختاره الجبائي، والتذكية في الشرع قطع الحلقوم والمريء بمحدد، والتفصيل في الفقه، واستدل بالآية على أن جوارح الصيد إذا أكلت مما صادته لم يحل.
وقرأ الحسن: * (السبع) * بسكون الباء، وابن عباس رضي الله تعالى عنهما - وأكيل السبع -.
* (وما ذبح على النصب) * جمع نصاب كحمر. وحمار، وقيل: واحد الأنصاب كطنب وأطناب، واختلف فيها فقيل هي حجارة كانت حول الكعبة وكانت ثلثمائة وستين حجرا، وكان أهل الجاهلية يذبحون عليها - فعلى - على أصلها، ولعل ذبحهم عليها كان علامة لكونه لغير الله تعالى؛ وقيل: هي الأصنام لأنها تنصب فتعبد من دون الله تعالى، و * (على) * إما بمعنى اللام، أو على أصلها بتقدير وما ذبح مسمى على الأصنام.
واعترض بأنه حينئذ يكون كالتكرار لقوله سبحانه: * (وما أهل لغير الله به) * والأمر في ذلك هين، والموصول معطوف على المحرمات، وقرىء * (النصب) * بضم النون وتسكين الصاد تخفيفا، وقرىء بفتحتين، وبفتح فسكون * (وأن تستقسموا بالأزل‍ام) * جمع زلم - كجمل - أو زلم - كصرد - وهو القدح، أي وحرم عليكم الاستقسام بالاقداح وذلك أنهم - كما روي عن الحسن. وغيره - إذا قصدوا فعلا ضربوا ثلاثة أقداح، مكتوب على أحدها أمرني ربي، وعلى الثاني نهاني ربي. وأبقوا الثالث غفلا لم يكتب عليه شيء فإن خرج الآمر مضوا لحاجتهم، وإن خرج الناهي تجنبوا، وإن خرج الغفل أجالوها ثانيا، فمعنى الاستقسام طلب معرفة ما قسم لهم دون ما لم يقسم بالأزلام، واستشكل تحريم ما ذكر بأنه من جملة التفاؤل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الفأل.
وأجيب بأنه كان استشارة مع الأصنام واستعانة منهم كما يشير إلى ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من أنهم إذا أرادوا ذلك أتوا بيت أصنامهم وفعلوا ما فعلوا فلهذا صار حراما، وقيل: لأن فيه افتراء على الله تعالى إن أريد - بربي - الله تعالى، وجهالة وشركا إن أريد به الصنم، وقيل: لأنه دخول في علم الغيب الذي استأثر الله تعالى به، واعترض بأنا لا نسلم أن الدخول في علم الغيب حرام، ومعنى استئثار الله تعالى بعلم الغيب انه لا يعلم إلا منه، ولهذا صار استعلام الخير والشر من المنجمين والكهنة ممنوعا حراما بخلاف الاستخارة من القرآن فإنه استعلام من الله تعالى، ولهذا أطبقوا على جوازها. ومن ينظر في ترتيب المقدمات أو يرتاض فهو لا يطلب إلا علم الغيب منه سبحانه فلو كان طلب علم الغيب حراما لا نسد طريق الفكر والرياضة، ولا قائل به.
وقال الإمام رحمه الله تعالى: لو لم يجز طلب علم الغيب لزم أن يكون علم التعبير كفرا لأنه طلب للغيب، وأن يكون أصحاب الكرامات المدعون للالهامات كفارا، ومعلوم أن كل ذلك باطل، وتعقب القول - بجواز الاستخارة بالقرآن - بأنه لم ينقل فعلها عن السلف، وقد قيل: إن الإمام مالكا كرهها. وأما ما في فتاوي الصوفية نقلا عن الزندوستي من أنه لا بأس بها وأنه قد فعلها علي كرم الله تعالى وجهه. ومعاذ رضي الله تعالى عنه.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»