للاستغراق، والجار متعلق ب * (رسولا) * قدم عليه للاختصاص الناظر إلى قيد العموم أي مرسلا لكل الناس لا لبعضهم فقط كما زعموا، و * (رسولا) * حال مؤكدة لعاملها، وجوز أن يتعلق الجار بما عنده، وأن يتعلق بمحذوف وقع حالا من * (رسولا) * وجوز أيضا أن يكون * (رسولا) * مفعولا مطلقا إما على أنه مصدر كما في قوله: لقد كذب الواشون ما فهت عندهم * (بشيء) ولا أرسلتهم برسول وإما على أن الصفة قد تستعمل بمعنى المصدر مفعولا مطلقا كما استعمل الشاعر خارجا بمعنى خروجا في قوله: علي حلفة لا أشتم الدهر مسلما * ولا (خارجا) من زور كلام حيث أراد كما قال سيبويه: ولا يخرج خروجا * (وكفى بالله شهيدا) * على رسالتك أو على صدقك في جميع ما تدعيه حيث نصب المعجزات وأنزل الآيات البينات، وقيل: المعنى كفى الله تعالى شهيدا على عباده بما يعملون من خير أو شر، والالتفات لتربية المهابة..
* (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فمآ أرسلناك عليهم حفيظا) *.
* (من يطع الرسول فقد أطاع الله) * بيان لأحكام رسالته صلى الله عليه وسلم إثر بيان تحققها، وإنما كان كذلك لأن الآمر والناهي في الحقيقة هو الحق سبحانه، والرسول إنما هو مبلغ للأمر والنهي فليس الطاعة له بالذات إنما هي لمن بلغ عنه. وفي بعض الآثار عن مقاتل " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: من أحبني فقد أحب الله تعالى ومن أطاعني فقد أطاع الله تعالى فقال المنافقون: ألا تسمعون إلى ما يقول هذا الرجل لقد قارف الشرك، وهو نهى أن يعبد غير الله تعالى ما يريد إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى عليه السلام؟ فنزلت " فالمراد بالرسول نبينا صلى الله عليه وسلم، والتعبير عنه بذلك ووضعه موضع المضمر للإشعار بالعلية، وقيل: المراد به الجنس ويدخل فيه نبينا صلى الله عليه وسلم دخولا أوليا، ويأباه تخصيص الخطاب في قوله تعالى: * (ومن تولاى فما أرسلناك عليهم حفيظا) * وجعله من باب الخطاب لغير معين خلاف الظاهر، و * (من) * شرطية وجواب الشرط محذوف، والمذكور تعليل له قائم مقامه أي ومن أعرض عن الطاعة فأعرض عنه لأنا إنما أرسلناك رسولا مبلغا لا حفيظا مهيمنا تحفظ أعمالهم عليهم وتحاسبهم عليها، ونفي - كما قيل - كونه حفيظا أي مبالغا في الحفظ دون كونه حافظا لأن الرسالة لا تنفك عن الحفظ لأن تبليغ الأحكام نوع حفظ عن المعاصي والآثام، وانتصاب الوصف على الحالية من الكاف، وجعله مفعولا ثانيا لأرسلنا لتضمينه معنى جعلنا مما لا حاجة إليه، و * (عليهم) * متعلق به وقدم رعاية للفاصلة، وفي إفراد ضمير الرفع وجمع ضمير الجر مراعاة للفظ - من - ومعناها، وفي العدول عن - ومن تولى فقد عصاه - الظاهر في المقابلة إلى ما ذكر ما لا يخفى من المبالغة..
* (ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طآئفة منهم غير الذى تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) *.
* (ويقولون) * الضمير للمنافقين كما روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والحسن والسدي، وقيل: للمسلمين الذين حكى عنهم أنهم يخشون الناس كخشية الله أي ويقولون إذا أمرتهم بشيء * (طاعة) * أي أمرنا وشأننا طاعة على أنه خبر مبتدأ محذوف وجوبا، وتقدير طاعتك طاعة خلاف الظاهر أو عندنا أو منا طاعة على أنه مبتدأ وخبره محذوف وكان أصله النصب كما يقول المحب: سمعنا وطاعة لكنه يجوز في مثله الرفع - كما صرح به سيبويه - للدلالة على أنه ثابت لهم قبل الجواب * (فإذا برزوا من عندك) * أي خرجوا من مجلسك وفارقوك * (بيت طآئفة) * أي جماعة * (منهم) * وهم رؤساؤهم، والتبييت إما من البيتوتة لأنه تدبير الفعل