* (انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا) *.
* (انظر كيف يفترون على الله الكذب) * في زعمهم أنهم أزكياء عند الله تعالى المتضمن لزعمهم قبول الله تعالى وارتضاءه إياهم ولشناعة هذا لما فيه من نسبته تعالى إلى ما يستحيل عليه بالكلية وجه النظر إلى كيفيته تشديدا للتشنيع وتأكيدا للتعجيب الدال عليه الكلام وإلا فهم أيضا مفترون على أنفسهم بادعائهم الاتصاف بما هم متصفون بنقيضه، و * (كيف) * في موضع نصب إما على التشبيه بالظرف أو بالحال على الخلاف المشهور بين سيبويه والأخفش، والعامل * (يفترون) * و * (به) * متعلق به. وجوز أبو البقاء أن يكون حالا من الكذب، وقيل: هو متعلق به، والجملة في موضع النصب بعد نزع الخافض وفعل النظر معلق بذلك والتصريح بالكذب مع أن الافتراء لا يكون إلا كذبا للمبالغة في تقبيح حالهم * (وكفى به) * أي بافترائهم، وقيل: بهذا الكذب الخاص * (إثما مبينا) * لا يخفى كونه مأثما من بين آثامهم وهذا عبارة عن كونه عظيما منكرا، والجملة كما قال عصام الملة: في موضع الحال بتقدير قد أي - كيف يفترون الكذب والحال أن ذلك ينافي مضمونه لأن إثم مبين - والآثم المبين غير المتحاشي عنه مع ظهوره لا يكون ابن الله سبحانه وتعالى وحبيبه ولا يكون زكيا عند الله تعالى، وانتصاب * (إثما) * على التمييز..
* (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتابيؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هاؤلاء أهدى من الذين ءامنوا سبيلا) *.
* (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتابيؤمنون بالجبت والطاغوت) * تعجيب من حال أخرى لهم ووصفهم بما في حيز الصلة تشديدا للتشنيع وتأكيدا للتعجيب، وقد تقدم نظيره، والآية نزلت - كما روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف - في جمع من يهود، وذلك أنهم خرجوا إلى مكة بعد وقعة أحد ليحالفوا قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل كعب على أبي سفيان فأحسن مثواه ونزلت اليهود في دور قريش فقال أهل مكة: إنكم أهل كتاب ومحمد صلى الله عليه وسلم صاحب كتاب فلا يؤمن هذا أن يكون مكرا منكم فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ففعل، ثم قال كعب: يا أهل مكة ليجيء منكم ثلاثون ومنا ثلاثون فنلزق أكبادنا بالكعبة فنعاهد رب البيت لنجهدن على قتال محمد صلى الله عليه وسلم ففعلوا ذلك فلما فرغوا قال أبو سفيان لكعب: إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أميون لا نعلم فأينا أهدى طريقا وأقرب إلى الحق نحن أم محمد؟ قال كعب: أعرضوا علي دينكم، فقال أبو سفيان: نحن ننحر للحجيج الكوماء ونسقيهم اللبن ونقري الضيف ونفك العاني ونصل الرحم ونعمر بيت ربنا ونطوف به ونحن أهل الحرم ومحمد صلى الله عليه وسلم فارق دين آبائه وقطع الرحم وفارق الحرم وديننا القديم ودين محمد الحديث، فقال كعب: أنتم والله أهدى سبيلا مما عليه محمد صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى في ذلك الآية، و - الجبت - في الأصل اسم صنم فاستعمل في كل معبود غير الله تعالى، وقيل: أصله الجبس وهو كما قال الراغب: الرذيل الذي لا خير فيه فقلبت سينه تاءا كما في قول عمرو بن يربوع: شرار - النات - أي الناس، وإلى ذلك ذهب قطرب - والطاغوت - يطلق على كل باطل من معبود أو غيره. وأخرج الفريابي وغيره عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: " الجبت الساحر والطاغوت الشيطان ". وأخرج ابن جرير من طرق عن مجاهد مثله، ومن طريق أبي الليث عنه قال: الجبت كعب بن الأشرف، والطاغوت الشيطان كان في صورة إنسان، وعن سعيد بن جبير الجبت الساحر بلسان الحبشة، والطاغوت الكاهن وأخرج ابن حميد عن عكرمة أن الجبت الشيطان بلغة الحبشة، والطاغوت الكاهن - وهي رواية