تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٤ - الصفحة ٨٠
وسبب الكظم أنهم يرون الجناية عليهم فعل الله تعالى وليس للخلق مدخل فيها * (والعافين عن الناس) * إما لأنهم في مقام توحيد الأفعال، أو لأنهم في مقام توحيد الصفات * (والله يحب المحسنين) * (آل عمران: 134) حسب مراتبهم في الإحسان * (والذين إذا فعلوا فاحشة) * أي كبيرة من الكبائر وهي رؤية أفعالهم المحرمة عليهم تحريم رؤية الأجنبيات بشهوة * (أو ظلموا أنفسهم) * بنقصهم حقوقها والتثبط عن تكميلها * (ذكروا الله) * أي تذكروا عظمته وعلموا أنه لا فاعل في الحقيقة سواه * (فاستغفروا لذنوبهم) * أي طلبوا ستر أفعالهم عنهم بالتبري عن الحول والقوة إلا بالله * (ومن يغفر الذنوب) * وهي رؤية الأفعال أو النظر إلى سائر الأغيار * (إلا الله) * وهو الملك العظيم الذي لا يتعاظمه شيء * (ولم يصروا على ما فعلوا) * في غفلتهم ونقصوا حق نفوسهم * (وهم يعلمون) * حقيقة الأمر وأن لا فعل لغيره * (أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم) * وهو ستره لوجودهم بوجوده وترقيهم من مقام توحيد الأفعال إلى ما فوقه * (وجنات) * أي أشياء خفية وهي جنات الغيب وبساتين المشاهدة والمداناة التي هي عيون صفات الذات * (تجري من تحتها الأنهار) * أي تجري منها أنهار الأوصاف الأزلية * (خالدين فيها) * بلا مكث ولا قطع ولا خطر الزمان ولا حجب المكان ولا تغير * (ونعم أجر العاملين) * (آل عمران: 136) ومنهم الواقفون بشرط الوفاء في العشق على الحضرة القديمة بلا نقض للعهود ولا سهو في الشهود * (قد خلت من قبلكم سنن) * بطشات ووقائع في الذين كذبوا الأنبياء في دعائهم إلى التوحيد * (فسيروا) * بأفكاركم * (في الأرض فانظروا) * وتأملوا في آثارها لتعلموا * (كيف كان عاقبة المكذبين) * (آل عمران: 137) أي آخر أمرهم ونهايته التي استدعاها التكذيب ويحتمل أن يكون هذا أمرا للنفوس بأن تنظر إلى آثار القوى النفسانية التي في أرض الطبيعة لتعلم ماذا عراها وكيف انتهى حالها فلعلها ترقى بسبب ذلك عن حضيض اللحوق بها * (هذا) * أي كلام الله تعالى * (بيان للناس) * يبين لهم حقائق أمور الكونين * (وهدى وموعظة) * يتوصل به إلى الحضرة الإلهية * (للمتقين) * (آل عمران: 138) وهم أهل الله تعالى وخاصته. واختلف الحال لاختلاف استعداد المستمعين للكلام إذ منهم قوم يسمعونه أسماع العقول، ومنهم قوم يسمعونه بأسماع الأسرار، وحظ الأولين منه الامتثال والاعتبار، وحظ الآخرين مع ذلك الكشف وملاحظة الأنوار وقد تجلى الحق فيه لخواص عباده ومقربي أهل اصطفائه فشاهدوا أنوارا تجلى وصفة قديمة وراء عالم الحروف تتلى * (ولا تهنوا) * أي لا تضعفوا في الجهاد * (ولا تحزنوا) * على ما فاتكم من الفتح ونالكم من قتل الأخوان * (وأنتم الأعلون) * في الرتبة * (إن كنتم مؤمنين) * (آل عمران: 139) أي موحدين حيث أن الموحد يرى الكل من مولاه فأقل درجاته الصبر * (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله) * ولم يبالوا مع أنهم دونكم * (وتلك الأيام) * أي الوقائع * (نداولها بين الناس) * فيوم لطائفة وآخر لأخرى * (وليعلم الله الذين آمنوا) * أي ليظهر علمه التفصيلي التابع لوقوع المعلوم * (ويتخذ منكم شهداء) * وهم الذين يشهدون الحق فيذهلون عن أنفسهم * (والله لا يحب الظالمين) * (آل عمران: 140) أي الذين ظلموا أنفسهم وأضاعوا حقها ولم يكملوا نشأتها * (وليمحص الله الذين آمنوا) * أي ليخلصهم من الذنوب والغواشي التي تبعدهم من الله تعالى بالعقوبة والبلية * (ويمحق) * أي يهلك * (الكافرين) * (آل عمران: 141) بنار أنانيتهم * (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) * أي تلجوا عالم القدس * (ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) * (آل عمران: 142) أي ولم يظهر منكم مجاهدات تورث المشاهدات وصبر على تزكية النفوس وتصفية القلوب على وفق الشريعة وقانون الطريقة ليتجلى للأرواح أنوار الحقيقة * (ولقد كنتم تمنون الموت) * أي موت النفوس عن صفاتها * (من قبل أن تلقوه) * بالمجاهدات والرياضات) * * (فقد رأيتموه) * برؤية أسبابه وهي الحرب مع أعداء الله تعالى * (وأنتم تنظرون) * (آل عمران: 143) أي تعلمون أن
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»