تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٤ - الصفحة ٢٢٤
ولكنه نقل نسبة الخبرية إلى كل واحد منهما دون لأبويه واختير هذا التركيب دون أن يقال: ولكل واحد من أبويه السدس لما في الأول من الإجمال، والتفصيل الذي هو أوقع في الذهن دون الثاني، ودون أن يقال: لأبويه السدسان للتنصيص على تساوي الأبوين في الأول وعدم التنصيص على ذلك في الثاني لاحتماله التفاضل، وكونه خلاف الظاهر لا يضر لأنه يكفي نكتة للعدول.
وقرأ الحسن ونعيم بن ميسرة * (السدس) * بالتخفيف وكذلك الثلث والربع والثمن.
* (مما ترك) * متعلق بمحذوف وقع حالا من الضمير المستكن في الظرف الراجع إلى المبتدأ، والعامل الاستقرار أي كائنا مما ترك المتوفى * (إن كان له ولد) * ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو أكثر، وولد الابن كذلك، ثم إن كان الولد ذكرا كان الباقي له وإن كانوا ذكورا فالباقي لهم بالسوية، وإن كانوا ذكورا وإناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين وإن كانت بنتا فلها النصف ولأحد الأبوين السدس، أولهما السدسان والباقي يعود للأب إن كان لكن بطريق العصوبة وتعدد الجهات منزل منزلة تعدد الذوات، وإن كان هناك أم وبنت فقط فالباقي بعد فرض الأم والبنت يرد عليهما، وزعمت الإمامية في صورة أبوين أو أب أو أم وبنت أن الباقي بعد أخذ كل فرضه يرد على البنت، وعلى أحد الأبوين أو عليهما بقدر سهامهم.
* (فإن لم يكن له ولد) * ولا ولد ابن * (وورثه أبواه) * فقط وهو مأخوذ من التخصيص الذكري كما تدل عليه الفحوى * (فلأمه الثلث) * مما ترك والباقي للأب وإنما لم يذكر لعدم الحاجة إليه لأنه لما فرض انحصار الوارث في أبويه، وعين نصيب الأم علم أن الباقي للأب وهو مما أجمع عليه المسلمون، وقيل: إنما لم يذكر لأن المقصود تغيير السهم، وفي هذه الصورة لم يتغير إلا سهم الأم وسهم الأب بحاله، وإنما يأخذ الباقي بعد سهمه وسهم الأم بالعصوبة فليس المقام مقام حصة الأب - وفيه تأمل - لأن الظاهر أن أخذ الأب الباقي بعد فرض الأم بطريق العصوبة وبه صرح الفرضيون، وتخصيص جانب الأم بالذكر وإحالة جانب الأب على دلالة الحال مع حصول البيان بالعكس أيضا لذلك، ولما أن حظها أخصر واستحقاقه أتم وأوفر هذا إذا لم يكن معهما أحد الزوجين أما إذا كان معهما ذلك وتسمى المسألتان بالغراوين وبالغريبتين وبالعمريتين، فللأم ثلث ما بقي بعد فرض أحدهما عند جمهور الصحابة والفقهاء لا ثلث الكل خلافا لابن عباس رضي الله تعالى عنهما مستدلا بأنه تعالى جعل لها أولا سدس التركة مع الولد بقوله سبحانه: * (ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد) * ثم ذكر أن لها مع عدمه الثلث بقوله عز وجل: * (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث) * فيفهم منه أن المراد ثلث أصل التركة أيضا.
ويؤيده أن السهام المقدرة كلها بالنسبة إلى أصلها بعد الوصية والدين، وإلى ذلك ذهبت الإمامية وكان أبو بكر الأصم يقول: بأن لها مع الزوج ثلث ما يبقى من فرضه ومع الزوجة ثلث الأصل، ونسب إلى ابن سيرين لأنه لو جعل لها مع الزوج ثلث جميع المال لزم زيادة نصيبها على نصيب الأب لأن المسألة حينئذ من ستة لاجتماع النصف والثلث فللزوج ثلاثة وللأم اثنان على ذلك التقدير فيبقى للأب واحد، وفي ذلك تفضيل الأنثى على الذكر، وإذا جعل لها ثلث ما بقي من فرض الزوج كان لها واحد وللأب اثنان ولو جعل لها مع الزوجة ثلث الأصل لم يلزم ذلك التفضيل لأن المسألة من اثني عشر لاجتماع الثلث والربع، فإذا أخذت الأم أربعة بقي للأب خمسة فلا تفضيل لها عليه، ورجح مذهب الجمهور على مذهب ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بخلوه عن الإفضاء
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»