تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٤ - الصفحة ٢١٠
والمراد إيصاء الكمل من الشيوخ أن يخلفوا ويأذنوا بالإرشاد من يصلح لذلك من المريدين السالكين على أيديهم * (ولا تأكلوها) * أي تنتفعوا بتلك الأموال دونهم * (إسرافا وبدارا أن يكبروا) * بالتصدي للإرشاد فإن ذلك من أعظم أدواء النفس والسموم القاتلة * (ومن كان) * منكم * (غنيا) * بالله لا يلتفت إلى ضرورات الحياة أصلا * (فليستعفف) * عما للمريد * (ومن كان فقيرا) * لا يتحمل الضرورة * (فليأكل) * أي فلينتفع بما للمريد * (بالمعروف) * وهو ما كان بقدر الضرورة * (فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم) * الله تعالى وأرواح أهل الحضرة وخذوا العهد عليهم برعاية الحقوق مع الحق والخلق * (وكفى بالله حسيبا) * (النساء: 6) لأنه الموجود الحقيقي والمطلع الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
* (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنسآء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا) *.
* (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) * شروع في بيان أحكام المواريث بعد بيان (أحكام) (1) أموال اليتامى المنتقلة إليهم بالإرث، والمراد من الرجال الأولاد الذكور، أو الذكور أعم من أن يكون كبارا أو صغارا، ومن الأقربين الموروثون، ومن الوالدين ما لم يكن بواسطة، والجد والجدة داخلان تحت الأقربين، وذكر الولدان مع دخولهما أيضا اعتناءا بشأنهما، وجوز أن يراد من الوالدين ما هو أعم من أن يكون بواسطة أو بغيرها فيشمل الجد والجدة، واعترض بأنه يلزم توريث أولاد الأولاد مع وجود الأولاد. وأجيب بأن عدم التوريث في هذه الصورة معلوم من أمر آخر لا يخفى، والنصيب الحظ كالنصب بالكسر ويجمع على أنصباء وأنصبة، و - من - في مما متعلقة بمحذوف وقع صفة للنكرة قبله أي نصيب كائن مما ترك وجوز تعلقه بنصيب. * (وللنسآء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) * المراد من النساء البنات مطلقا أو الإناث كذلك، وإيراد حكمهن على الاستقلال دون الدرج في تضاعيف أحكام السالفين بأن يقال للرجال والنساء نصيب الخ للاعتناء - كما قال شيخ الإسلام - بأمرهن والإيذان بأصالتهن في استحقاق الإرث، والإشارة من أول الأمر إلى تفاوت ما بين نصيبي الفريقين والمبالغة في إبطال حكم الجاهلية فإنهم ما كانوا يورثون النساء والأطفال ويقولون: إنما يرث من يحارب ويذب عن الحوزة، وللرد عليهم نزلت هذه الآية - كما قال ابن جبير وغيره - وروي أن أوس بن ثابت وقيل: أوس بن مالك، وقيل: ثابت بن قيس، وقيل: أوس بن الصامت - وهو خطأ - لأنه توفي في زمن خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه مات وترك ابنتين وابنا صغيرا وزوجته أم كحة، وقيل: بنت كحة، وقيل: أم كحلة، وقيل: أم كلثوم فجاء أبناء عمه خالد أو سويد وعرفطة أو قتادة، وعرفجة فأخذا ميراثه كله فقالت امرأته لهما: تزوجا بالابنتين وكانت بهما دمامة فأبيا فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما أدري ما أقول؟ فنزلت: * (للرجال نصيب) * الآية فأرسل صلى الله عليه وسلم إلى ابني العم فقال: لا تحركا من الميراث شيئا فإنه قد أنزل علي فيه شيء أخبرت فيه أن للذكر والأنثى نصيبا ثم نزل بعد ذلك: * (ويستفتونك في النساء) * إلى قوله: * (عليما) * (النساء: 127) ثم نزل: * (يوصيكم الله في أولادكم) * إلى قوله: * (والله عليم حكيم) * (النساء: 11، 12) فدعى صلى الله عليه وسلم بالميراث فأعطى المرأة الثمن وقسم ما بقي بين الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين ولم يعط ابني العم شيئا "، وفي بعض طرقه - أن الميت خلف زوجة وبنتين وابني عم فأعطى صلى الله عليه وسلم الزوجة الثمن والبنتين الثلثين وابني العم الباقي -.
وفي الخبر دليل على جواز تأخير البيان عن الخطاب، ومن عمم الرجال والنساء وقال: إن الأقربين عام لذوي القرابة النسبية والسببية جعل الآية متضمنة لحكم الزوج والزوجة واستحقاق كل منهما الإرث من صاحبه،
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»