في الكفار دون المسلمين فلا.
* (فإن ءانستم) * أي أحسستم - قاله مجاهد - وأصل معنى الاستئناس - كما قال الشهاب - النظر من بعد وضع اليد على العين إلى قادم ونحوه ما يؤنس به، ثم عم في كلامهم قال الشاعر: (آنست) نبأة وأفزعها الق * - ناص عصرا وقد دنا الإمساء ثم استعير للتبين أي علم الشيء بينا، وزعم بعضهم أن أصله الإبصار مطلقا وأنه أخذ من إنسان العين وهو حدقتها التي يبصر بها، وهو هنا محتمل لأن يراد منه المعنى المجازي أو المعنى الحقيقي، وقرأ ابن مسعود أحستم بحاء مفتوحة وسين ساكنة، وأصله أحسستم بسينين نقلت حركة الأولى إلى الحاء وحذفت لالتقاء الساكنين إحداهما على غير القياس، وقيل: إنها لغة سليم وإنها مطردة في عين كل فعل مضاعف اتصل بها تاء الضمير، أو نونه كما في قول أبي زيد الطائي: خلا أن العتاق من المطايا * أحسن به فهن إليه شوس * (منهم رشدا) * أي اهتداءا إلى ضبط الأموال وحسن التصرف فيها، وقيل: صلاحا في دينهم وحفظا لأموالهم، وتقديم الجار والمجرور لما مر غير مرة، وقرىء (رشدا) بفتحتين، و (رشدا) بضمتين، وهما بمعنى رشدا، وقيل: الرشد بالضم في الأمور الدنيوية والأخروية، وبالفتح في الأخروية لا غير، والراشد والرشيد يقال فيهما * (فادفعوا إليهم أموالهم) * أي من غير تأخير عن حد البلوغ كما تدل عليه الفاء، وفي إيثار الدفع على الإيتاء في أول الأمر إيذان على ما ذهب إليه البعض بتفاوتهما بحسب المعنى، وقد تقدم الكلام في ذلك، ونظم الآية أن حتى هي التي تقع بعدها الجمل كالتي في قوله: سريت بهم حتى تكل مطيهم * وحتى الجياد ما يقدن بأرسان وتسمى ابتدائية في ذلك، ولا يذهب منها معنى الغاية كما نصوا عليه في عامة كتب النحو، وذكره الكثير من الأصوليين خلافا لمن وهم فيه، وما بعدها جملة شرطية جعلت غاية للابتلاء، وفعل الشرط بلغوا وجوابه الشرطية الثانية كما حققه غير واحد من المعربين، وبيان ذلك أنه ذكر في " شرح التسهيل " لابن عقيل أنه إذا توالى شرطان فأكثر كقولك: إن جئتني إن وعدتك أحسنت إليك، فأحسنت إليك جواب إن جئتني واستغنى به عن جواب إن وعدتك، وزعم ابن مالك أن الشرط الثاني مقيد للأول، بمنزلة الحال، وكأنه قيل: إن جئتني في حال وعدي لك، والصحيح في هذه المسألة أن الجواب للأول، وجواب الثاني محذوف لدلالة الشرط الأول وجوابه عليه فإذا قلت: إن دخلت الدار إن كلمت زيدا إن جاء إليك فأنت حر، فأنت حر جواب إن دخلت، وإن دخلت، وجوابه دليل جواب إن كلمت، وإن كلمت وجوابه دليل جواب إن جاء، والدليل على الجواب جواب في المعنى، والجواب متأخر فالشرط الثالث مقدم وكذا الثاني فكأنه قيل: إن جاء فإن كلمت فإن دخلت فأنت حر فلا يعتق إلا إذا وقعت هكذا مجيء ثم كلام ثم دخول، وهو مذهب الشافعي، وذكر الجصاص أن فيها خلافا بين محمد وأبي يوسف، وليس مذهب الشافعي فقط والسماع يشهد له قال:
إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا * منا معاقد عز زانها كرم وعليه فصحاء المولدين، وقال بعض الفقهاء: الجواب للأخير والشرط الأخير وجوابه جواب الثاني، والشرط الثاني وجوابه جواب الأول، فعلى هذا لا يعتق حتى يوجد هكذا دخول ثم كلام ثم مجيء، وقال بعضهم