رضي الله تعالى عنهما " أن بني إسرائيل قالوا: يا موسى هل ينام ربك؟ قال: اتقوا الله تعالى فناداه ربه يا موسى سألوك هل ينام ربك فخذ زجاجتين في يديك فقم الليل ففعل موسى فلما ذهب من الليل ثلث نعس فوقع لركبتيه ثم انتعش فضبطهما حتى إذا كان آخر الليل نعس فسقط الزجاجتان فانكسرتا فقال: يا موسى لو كنت أنام لسقطت السموات والأرض فهلكن كما هلكت الزجاجتان في يديك " ولما فيها من التأكيد كالذي بعدها ترك العاطف فيها وهي إما استئنافية لا محل لها من الإعراب وإما حال مؤكدة من الضمير المستكن في القيوم، وجوز أن تكون خبرا عن الحي أو عن الاسم الجليل.
* (له ما في السماوات وما في الأرض) * تقريرا لقيوميته تعالى واحتجاج على تفرده في الألهية، والمراد بما فيهما ما هو أعم من أجزائهما الداخلة فيهما ومن الأمور الخارجة عنهما المتمكنة فيهما من العقلاء وغيرهم فيعلم من الآية نفي كون الشمس والقمر وسائر النجوم والملائكة. والأصنام والطواغيت آلهة مستحقة للعبادة * (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) * استفهام إنكاري ولذا دخلت * (إلا) * والمقصود منه بيان كبرياء شأنه تعالى وأنه لا أحد يساويه أو يدانيه بحيث يستقل أن يدفع ما يريده دفعا على وجه الشفاعة والاستكانة والخضوع فضلا عن أن يستقل بدفعه عنادا أو مناصبة وعداوة وفي ذلك تأييس للكفار حيث زعموا أن آلهتهم شفعاء لهم عند الله تعالى * (يعلم ما بين أيديهم) * أي أمر الدنيا * (وما خلفهم) * أي أمر الآخرة قاله مجاهد وابن جريج وغيرهما، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقتادة عكس ذلك، وقيل: يعلم ما كان قبلهم وما كان بعدهم، وقيل: ما بين أيديهم من خير أو شر وما خلفهم مما فعلوه كذلك، وقيل: ما يدركونه وما لا يدركونه أو ما يحسونه ويعقلونه والكل محتمل، ووجه الإطلاق فيه ظاهر، وضمير الجمع يعود على ما في * (ما في السموات) * الخ إلا أنه غلب من يعقل على غيره، وقيل: للعقلاء في ضمنه فلا تغليب، وجوز أن يعود على ما دل عليه * (من ذا) * من الملائكة والأنبياء، وقيل: الأنبياء خاصة، والعلم بما بين أيديهم وما خلفهم كناية عن إحاطة علمه سبحانه، والجملة إما استئناف أو خبر عما قبل أو حال من ضمير (يشفع) أو من المجرور في (بإذنه).
* (ولا يحيطون بشيء من علمه) * أي معلومه كقولهم: اللهم اغفر لنا علمك فينا، والإحاطة بالشيء علما علمه كما هو على الحقيقة، والمعنى لا يعلم أحد من هؤلاء كنه شيء ما من معلوماته تعالى * (إلا بما شاء) * أن يعلم، وجوز أن يراد (من علمه) معلومه الخاص وهو كل ما في الغيب * (فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول) * (الجن: 26، 27) وعطفت هذه الجملة على ما قبلها لمغايرتها له لأن ذلك يشعر بأنه سبحانه يعلم كل شيء وهذه تفيد أنه لا يعلمه غيره ومجموعهما دال على تفرده تعالى بالعلم الذاتي الذي هو من أصول صفات الكمال التي يجب أن يتصف الإله تعالى شأنه بها بالفعل * (وسع كرسيه السماوات والأرض) * الكرسي جسم بين يدي العرش محيط بالسموات السبع، وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لو أن السموات السبع والأرضين السبع بسطن ثم وصلن بعضهن إلى بعض ما كن في سعته - أي الكرسي - إلا بمنزلة الحلقة في المفازة وهو غير العرش كما يدل عليه ما أخرجه ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي ذر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكرسي فقال: " يا أبا ذر ما السموات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وأن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة " وفي رواية الدارقطني والخطيب عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما