قد يدرك المتأني بعض حاجته * وقد يكون من (المستعجل) الزلل لأجل المتأني، وذهب بعض أرباب التحقيق إلى ترجيح التعدي لأن المراد بيان أمور - العجل - لا التعجل مطلقا، وقيل: لأن اللازم يستدعي تقدير (في) فيلزم تعلق حرفي جر أحدهما: المقدر والثاني: * (في يومين) * بالفعل وذا لا يجوز - واليومان - يوم القر. ويوم الرؤوس. واليوم الذي بعده. والمراد فمن نفر في ثاني أيام التشريق قبل الغروب - وبعد رمي الجمار عند الشافعية - وقبل طلوع الفجر من اليوم الثالث إذا فرغ من رمي الجمار عندنا - والنفر في أول يوم منها لا يجوز - فظرفية اليومين له على التوسع باعتبار أن الاستعداد له في اليوم الأول، والقول بأن التقدير في أحد يومين إلا أنه مجمل فسر باليوم الثاني، أو في آخر يومين خروج عن مذاق النظر.
* (فلآ إثم عليه) * باستعجاله * (ومن تأخر) * في النفر حتى رمي في اليوم الثالث قبل الزوال أو بعده عندنا، وعند الشافعي بعده فقط * (فلآ إثم عليه) * بما صنع من التأخر، والمراد التخيير بين - التعجل والتأخر - ولا يقدح فيه أفضلية الثاني خلافا لصاحب - " الإنصاف " - وإنما ورد - بنفي الإثم - تصريحا بالرد على أهل الجاهلية حيث كانوا مختلفين فيه، فمن مؤثم للمعجل، ومؤثم للمتأخر * (لمن اتقى) * خبر لمحذوف - واللام - إما للتعليل أو للاختصاص، أي ذلك التخيير المذكور بقرينة القرب لأجل - المتقي - لئلا يتضرر بترك ما يقصده من - التعجيل والتأخر - لأنه حذر متحرز عما يريبه، أو ذلك المذكور من أحكام الحج مطلقا نظرا إلى عدم المخصص القطعي، وإن كانت عامة لجميع المؤمنين مختصة - بالمتقي - لأنه الحاج على الحقيقة، والمنتفع بها، والمراد من - التقوى - على التقديرين التجنب عما يؤثم من - فعل أو ترك - ولا يجوز حملها على التجنب عن الشرك لأن الخطاب في جميع ما سبق للمؤمنين، واستدل بعضهم بالآية على أن الحاج إذا اتقى في أداء حدود الحج وفرائضه غفرت له ذنوبه كلها، وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأخرج ابن جرير عنه أنه فسر الآية بذلك ثم قال: إن الناس يتأولونها على غير تأويلها، وهو من الغرابة بمكان.
* (واتقوا الله) * في جميع أموركم التي يتعلق بها العزم لتنتظموا في سلك المغتنمين بالأحكام المذكورة، أو احذروا الإخلال بما ذكر من أمور الحج * (واعلموا أنكم اليه تحشرون) * للجزاء على أعمالكم بعد الإحياء والبعث، وأصل - الحشر - الجمع وضم المفرق وهو تأكيد للأمر بالتقوى وموجب للامتثال به، فإن من علم بالحشر والمحاسبة والجزاء كان ذلك من أقوى الدواعي له إلى ملازمة التقوى، وقدم إليه للاعتناء بمن يكون الحشر إليه ولتواخي الفواصل.
* (ومن الناس من يعجبك قوله فى الحيواة الدنيا ويشهد الله على ما فى قلبه وهو ألد الخصام) * * (ومن الناس من يعجبك قوله) * عطف على قوله تعالى: * (فمن الناس من يقول) * (البقرة: 200) والجامع أنه سبحانه لما ساق بيان أحكام الحج إلى بيان انقسام الناس في الذكر والدعاء في تلك المناسك إلى الكافر والمؤمن، تممه سبحانه ببيان قسمين آخرين - المنافق والمخلص - وأصل - التعجب - حيرة تعرض للإنسان لجهله بسبب المتعجب منه، وهو هنا مجاز عما يلزمه من الروق والعظمة فإن الأمر الغريب المجهول يستطيبه الطبع ويعظم وقعه في القلوب، وليس على حقيقته لعدم الجهل بالسبب أعني الفصاحة والحلاوة، فالمعنى ومنهم من يروقك ويعظم في نفسك ما يقول * (في الحيواة الدنيا) * أي في أمور الدنيا وأسباب المعاش - سواء كانت عائدة إليه أم لا - فالمراد من الحياة ما به الحياة والتعيش،