الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٣
شبل عن عمرو بن دينار ان النبي صلى الله عليه وسلم قال استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فلا أزال أستغفر لأبي طالب حتى ينهاني عنه ربى وقال أصحابه لنستغفرن لآبائنا كما استغفر النبي صلى الله عليه وسلم لعمه فأنزل الله ما كان للنبي والذين آمنوا ان يستغفروا للمشركين إلى قوله تبرأ منه * وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال لما حضر أبا طالب الوفاة أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أي عم انك أعظم على حقا من والدي فقل كلمة يجب لك بها الشفاعة يوم القيامة لا إله إلا الله فذكر نحو ما تقدم * وأخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا ان رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا يا نبي الله ان من آبائنا من كان يحسن الجوار ويصل الرحم ويفك العاني ويوفى بالذمم أفلا نستغفر لهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم والله لاستغفرن لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه فأنزل الله ما كان للنبي والذين آمنوا ان يستغفروا للمشركين الآية ثم عذر الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال وما كان استغفار إبراهيم لأبيه الا عن موعدة وعدها إياه إلى قوله تبرأ منه وذكر لنا ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال أوحى إلى كلمات قد دخلن في أذني ووقرن في قلبي أمرت ان لا أستغفر لمن مات مشركا ومن أعطى فضل ماله فهو خير له ومن أمسك فهو شر له ولا يلوم الله على كفاف * وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن علي قال أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بموت أبى طالب فبكى فقال اذهب فغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه ففعلت وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر له أياما ولا يخرج من بيته حتى نزل جبريل عليه السلام عليه بهذه الآية ما كان للنبي والذين آمنوا ان يستغفروا للمشركين * وأخرج ابن سعد وأبو الشيخ وابن عساكر من طريق سفيان بن عيينة عن عمر قال لما مات أبو طالب قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمك الله وغفر لك لا أزال أستغفر لك حتى ينهاني الله فاخذ المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون فأنزل الله ما كان للنبي والذين آمنوا ان يستغفروا للمشركين الآية فقالوا قد استغفر إبراهيم لأبيه فنزلت وما كان استغفار إبراهيم لأبيه الا عن موعدة وعدها إياه الآية قال فلما مات على كفره تبين له انه عدو لله * واخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر عن الحسن قال لما مات أبو طالب قال النبي صلى الله عليه وسلم ان إبراهيم استغفر لأبيه وهو مشرك وأنا أستغفر لعمى حتى أبلغ فأنزل الله ما كان للنبي والذين آمنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى يعنى به أبا طالب فاشتد على النبي صلى الله عليه وسلم فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه الا عن موعدة وعدها إياه يعنى حين قال سأستغفر لك ربى انه كان بي حفيا فلما تبين له انه عدو لله يعنى مات على الشرك تبرأ منه * وأخرج ابن جرير من طريق عطية العوفي عن ابن عباس في قوله ما كان للنبي والذين آمنوا الآية قال إن النبي صلى الله عليه وسلم أراد ان يستغفر لأبيه فنهاه الله عن ذلك قال فان إبراهيم قد استغفر لأبيه فنزلت وما كان استغفار إبراهيم لأبيه الآية قلت إن هذا الأثر ضعيف معلول فان عطية ضعيف وهو مخالف لرواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس السابقة وتلك أصح وعلى ثقة جليل * وأخرج الطبراني وابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم لما أقبل من غزوة تبوك اعتمر فلما هبط من ثنية عسفان أمر أصحابه ان يستندوا إلى العقبة حتى أرجع إليكم فذهب فنزل على قبر أمه آمنة فناجى ربه طويلا ثم انه بكى فاشتد بكاؤه فبكى هؤلاء لبكائه فقالوا ما بكى نبي الله هذا البكاء الا وقد أحدث في أمته شئ لم يطقه فلما بكى هؤلاء قام فرجع إليهم فقال ما يبكيكم قالوا يا نبي الله بكينا لبكائك قلنا لعله أحدث في أمتك شئ لم تطقه فقال لا وقد كان بعضه ولكني نزلت على قبر أمي فدعوت الله تعالى ليأذن لي في شفاعتها يوم القيامة فأبى ان يأذن لي فرحمتها وهي أمي فبكيت ثم جاءني جبريل عليه السلام فقال وما كان استغفار إبراهيم لأبيه الا عن موعدة وعدها إياه الآية فتبرأ أنت من أمك كما تبرأ إبراهيم من أبيه فرحمتها وهي أمي فدعوت ربى ان يرفع عن أمتي أربعا فرفع عنهم اثنتين وأبى ان يرفع عنهم اثنتين دعوت ربى ان يرفع عنهم الرجم من السماء والغرق من الأرض وأن لا يلبسهم شيعا وأن لا يذيق بعضهم باس بعض فرفع الله عنهم الرجم السماء والغرق من الأرض وأبى ان يرفع عنهم القتل والهرج قال وانما عدل إلى قبر أمه لأنها كانت مدفونة تحت كدي وكانت عسفان لهم وبها ولد النبي صلى الله عليه وسلم * وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر فاتبعناه
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست