الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٠
كفار حين بنوا فلما دخلوا في الاسلام جعلوا لا يزالون يذكرون فيقع في قلوبهم مشقة من ذلك فتراجعوا له فقالوا يا ليتنا لم نكن فعلنا كما ذكروه وقع من ذلك في قلوبهم مشقة وندموا فقال إبراهيم استغفر الله * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حبيب بن أبي ثابت في قوله ريبة في قلوبهم قال غيظا في قلوبهم الا ان تقطع قلوبهم قال إلى أن يموتوا * وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله الا ان تقطع قال الموت ان يموتوا * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أيوب قال كان عكرمة يقرؤها الا ان تقطع قلوبهم في القبر * وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله الا ان تقطع قلوبهم قال الا ان يتوبوا وكان أصحاب عبد الله يقرؤنها ريبة في قلوبهم ولو تقطعت قلوبهم * قوله تعالى (ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم) الآية * أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا قال عبد الله بن رواحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم اشترط لربك ولنفسك ما شئت قال اشترط لربي ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا واشترط لنفسي ان تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم قالوا فإذا فعلنا ذلك فما لنا قال الجنة قال ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل فنزلت ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم الآية * وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم الآية فكبر الناس في المسجد فاقبل رجل من الأنصار ثانيا طرفي ردائه على عاتقه فقال يا رسول الله أنزلت هذه الآية قال نعم فقال الأنصاري بيع ربيح لا نقبل ولا نستقيل * وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سل سيفه في سبيل الله فقد بايع الله * وأخرج ابن سعد عن عباد بن الوليد بن عبادة بن الصامت ان أسعد بن زرارة أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة فقال يا أيها الناس هل تدرون علام تبايعون محمدا انكم تبايعونه على أن تحاربوا العرب والعجم والجن والانس كافة فقالوا نحن حرب لمن حارب وسلم لمن سالم فقال أسعد بن زرارة يا رسول الله اشترط على فقال تبايعوني على أن تشهدوا ان لا إله إلا الله وأني رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة والسمع والطاعة ولا تنازعوا الامر أهله وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأهليكم قالوا نعم قال قائل الأنصار نعم هذا لك يا رسول الله فما لنا قال الجنة والنصر * وأخرج ابن سعد عن الشعبي قال انطلق النبي صلى الله عليه وسلم بالعباس بن عبد المطلب وكان ذا رأى إلى السبعين من الأنصار عند العقبة فقال العباس ليتكلم متكلمكم ولا يطيل الخطبة فان عليكم للمشركين عينا وان يعلموا بكم يفضحوكم فقال قائلهم وهو أبو أمامة أسعد يا محمد سل لربك ما شئت ثم سل لنفسك ولأصحابك ما شئت ثم أخبرنا ما لنا من الثواب على الله وعليكم إذا فعلنا ذلك فقال أسألكم لربي ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأسألكم لنفسي وأصحابي ان تؤونا وتنصرونا وتمنعونا مما تمنعون منه أنفسكم قال فما لنا إذا فعلنا ذلك قال الجنة فكان الشعبي إذا حدث هذا الحديث قال ما سمع الشيب والشبان بخطبة أقصر ولا أبلغ منها * وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن انه كان إذا قرأ هذه الآية ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم قال أنفس هو خلقها وأموال هو رزقها * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة قال ثامنهم والله وأعلى لهم * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن قال ما على ظهر الأرض مؤمن الا قد دخل في هذه البيعة وفى لفظ اسعوا إلى بيعة بايع الله بها كل مؤمن ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم * وأخرج ابن المنذر من طريق عياش بن عتبة الحضرمي عن إسحاق بن عبد الله المدني قال لما نزلت هذه الآية ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الأنصار فقال يا رسول الله نزلت هذه الآية فقال نعم فقال الأنصار بيع رابح لا نقيل ولا نستقيل قال عياش وحدثني اسحق ان المسلمين كلهم قد دخلوا في هذه الآية من كان منهم إذا احتيج إليه نفع وأغار ومن كان منهم لا يغير إذا احتيج إليه فقد خرج من هذه البيعة * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون يعنى يقاتلون المشركين في سبيل الله يعنى في طاعة الله فيقتلون العدو ويقتلون يعنى المؤمنين وعدا عليه حقا يعنى ينجز ما وعدهم من الجنة في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فليس أحد أوفى بعهده من الله
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»
الفهرست