الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٢
والبيهقي في عذاب القبر عن قتادة رضي الله عنه في قوله سنعذبهم مرتين قال عذاب في القبر وعذاب في النار * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع رضي الله عنه في قوله سنعذبهم مرتين قال يبتلون في الدنيا وعذاب القبر ثم يردون إلى عذاب عظيم قال عذاب جهنم * وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله سنعذبهم مرتين قال عذاب في الدنيا بالأموال والأولاد وقرأ فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم انما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا بالمصائب فهي لهم عذاب وهي للمؤمنين أجر قال وعذاب الآخرة في النار ثم يردوه لي عذاب عظيم النار * وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه قال بلغني ان ناسا يقولون سنعذبهم مرتين يعنى القتل وبعد القتل البرزخ والبرزخ ما بين الموت إلى البعث ثم يردون إلى عذاب عظيم يعنى عذاب جهنم * وأخرج أبو الشيخ عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله سنعذبهم مرتين قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعذب المنافقين يوم الجمعة بلسانه على المنبر وعذاب القبر * وأخرج ابن مردويه عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال لقد خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبة ما شهدت مثلها قط فقال أيها الناس ان منكم منافقين فمن سميته فليقم قم يا فلان قم يا فلان حتى قام ستة وثلاثون رجلا ثم قال إن منكم وان منكم وان منكم فسلوا الله العافية فلقى عمر رضي الله عنه رجلا كان بينه وبينه إخاء فقال ما شأنك فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فقال كذا وكذا فقال عمر رضي الله عنه أبعدك الله سائر اليوم * قوله تعالى (وآخرون اعترفوا) الآيتين * أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله آخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا قال كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فلما حضر رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد وكان ممر النبي صلى الله عليه وسلم إذا رجع في المسجد عليهم فلما رآهم قال من هؤلاء الموثقون أنفسهم قالوا هذا أبو لبابة وأصحاب له تحلفوا عنك يا رسول الله أوثقوا أنفسهم وحلفوا انهم لا يطلقهم أحد حتى يطلقهم النبي صلى الله عليه وسلم ويعذرهم قال وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله تعالى هو الذي يطلقهم رغبوا عنى وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين فلما بلغهم ذلك قالوا ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا فأنزل الله عز وجل وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم وعسى من الله واجب انه هو التواب الرحيم فلما نزلت أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأطلقهم وعذرهم فجاءوا بأموالهم فقالوا يا رسول الله هذه أموالنا فتصدق به عنا واستغفر لنا قال ما أمرت ان آخذ أموالكم فأنزل الله عز وجل خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم يقول استغفر لهم ان صلواتك سكن لهم يقول رحمة لهم فاخذ منهم الصدقة واستغفر لهم وكان ثلاثة نفر منهم لم يوثقوا أنفسهم بالسواري فأرجؤا سنة لا يدرون أيعذبون أو يتاب عليهم فأنزل الله عز وجل لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار والذين اتبعوه في ساعة العسرة إلى آخر الآية وعلى الثلاثة الذين خلفوا إلى ثم تاب عليهم ليتوبوا ان الله هو التواب الرحيم يعنى ان استقاموا * وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه مثله سواء * وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله اعترفوا بذنوبهم قال هو أبو لبابة إذ قال لقريظة ما قال وأشار إلى حلقه بان محمدا يذبحكم ان نزلتم على حكمه * وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب ان بني قريظة كانوا حلفاء لأبي لبابة فاطلعوا إليه وهو يدعوهم إلى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا لبابة أتأمرنا ان ننزل فأشار بيده إلى حلقه انه الذبح فأخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسبت ان الله غفل عن يدك حين تشير إليهم بها إلى حلقك فلبث حينا حتى غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك وهي غزوة العسرة فتخلف عنه أبو لبابة فيمن تخلف فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها جاءه أبو لبابة يسلم عليه فاعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزع أبو لبابة فارتبط بسارية التوبة التي عند باب أم سلمة سبعا من بين يوم وليلة في حر شديد لا يأكل فيهن ولا يشرب قطرة وقال لا يزال هذا مكاني حتى أفارق الدنيا أو يتوب الله على فلم يزل كذلك حتى ما يسمع الصوت من الجهد ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه بكرة عشية ثم تاب الله عليه
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست