الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٤
ومنها ثم قام عبد الرحمن بن عوف فقال يا رسول الله عند ثمانية آلاف تركت أربعة منها لعيالي وجئت بأربعة أقدمها لله فتكاثر المنافقون ما جاء به ثم قام عاصم بن عدي الأنصاري فقال يا رسول الله عندي سبعون وسقا جذاذ العام فتكاثر المنافقون ما جاء به وقالوا هذا بأربعة آلاف وجاء هذا بسبعين وسقا للرياء والسمعة فهلا أخفياها فهلا فرقاها ثم قام رجل من الأنصار اسمه الحجاب يكنى أبا عقيل فقال يا رسول الله مالي من مال غير انى أجرت نفسي من بنى فلان أجر الحرير في عنقي على صاعين من تمر فتركت صاعا لعيالي وجئت بصاع أقربه إلى الله تعالى فلمزه المنافقون وقالوا جاء أهل الإبل بالإبل وجاء أهل الفضة بالفضة وجاء هذا بتمرات يحملها فأنزل الله الذين يلمزون المطوعين الآية * وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي السليل قال وقف علينا شيخ في مجلسنا فقال حدثني أبي أو عمى انه شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبقيع قال من يتصدق اليوم بصدقة أشهد له بها عند الله يوم القيامة فجاء رجل لا والله بالبقيع رجل أشد سواد وجه منه ولا أقصر قامة ولا أذم في عين منه بناقة لا والله ما بالبقيع شئ أحسن منها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه صدقة قال نعم يا رسول الله فلمزه رجل فقال يتصدق بها والله لهي خير منه فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمته فقال كذبت بل هو خير منك ومنها كذبت بل هو خير منك ومنها ثلاث مرار ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا من قال بيده هكذا وهكذا وقليل ما هم ثم قال قد أفلح المزهد المجهد قد أفلح المزهد المجهد * وأخرج أبو داود وابن خزيمة والحاكم وصححه عن أبي هريرة أنه قال يا رسول الله أي الصدقة أفضل قال جهد المقل وابدأ بمن تعول * قوله تعالى (استغفر لهم) الآية * اخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عروة ان عبد الله بن أبي قال لأصحابه لولا انكم تنتقون على محمد وأصحابه لانفضوا من حوله وهو القائل ليخرجن الأعز منها الأذل فأنزل الله عز وجل استغفر لهم أولا تستغفر لهم أن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم قال النبي صلى الله عليه وسلم لأزيدن على السبعين فأنزل الله سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم * وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال لما نزلت ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم قال النبي صلى الله عليه وسلم سأزيد على سبعين فأنزل الله في السورة التي يذكر فيها المنافقون لن يغفر الله لهم * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت هذه الآية أسمع ربى قد رخص لي فيهم فوالله لاستغفرن أكثر من سبعين مرة لعل الله أن يغفر لهم فقال من شدة غضبه عليهم سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ان الله لا يهدى القوم الفاسقين * وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم والنحاس وابن حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال سمعت عمر يقول لما توفى عبد الله بن أبي دعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه فقام عليه فلما وقف قلت أعلى عدو الله عبد الله ابن أبي القائل كذا وكذا والقائل كذا وكذا أعدد أيامه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم حتى إذا أكثرت قال يا عمر اخر عنى انى قد خيرت قد قيل لي استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلو أعلم أنى ان زدت على السبعين غفر له لزدت عليها ثم صلى الله عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشى معه حتى قام على قبره حتى فرغ منه فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم فوالله ما كان الا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على منافق بعده حتى قبضه الله عز وجل * وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لقد أصبت في الاسلام هفوة ما أصبت مثلها قط أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى على عبد الله بن أبي فأخذت بثوبه فقلت والله ما أمرك الله بهذا لقد قال الله استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خيرني ربى فقال استغفر لهم أولا تستغفر لهم فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفير القبر فجعل الناس يقولون لابنه يا حباب افعل كذا يا حباب افعل كذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحباب اسم شيطان أنت عبد الله * وأخرج أبو الشيخ عن السدى في قوله استغفر لهم الآية قال نزلت في الصلاة على المنافقين قال لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول المنافق قال النبي صلى الله عليه وسلم لو أعلم
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست