في الجمعة إذا خطب * وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن جعفر بن الزبير قال قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد نجران ستون راكبا فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة والعقاب وعبد المسيح والأيهم السيد وهو من النصرانية على دين الملك مع اختلاف من أمرهم يقولون هو الله ويقولون هو ولد الله ويقولون هو ثالث ثلاثة كذلك قول النصرانية فهم يحتجون في قولهم يقولون هو الله بأنه كان يحيى الموتى ويبرئ الأسقام ويخبر بالغيوب ويخلق من الطين كهيئة الطير ثم ينفح فيه فيكون طيرا وذلك كله بإذن الله ليجعله آية للناس ويحتجون في قولهم بأنه ولد بأنهم يقولون لم يكن له أب يعلم وقد تكلم في المهد شيئا لهم بصنعه أحد من ولد آدم قبله ويحتجون في قولهم انه ثالث ثلاثة بقول الله فعلنا وأمرنا وخلقنا وقضينا فيقولون لو كان واحد اما قال الا فعلت وأمرت وقضيت وخلقت ولكنه هو وعيسى ومريم ففي كل ذلك من قولهم نزل القرآن وذكر الله لنبيه فيه قولهم فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلما قالا قد أسلمنا قبلك قال كذبتما منعكما من الاسلام دعاؤكما لله ولدا وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير قالا فمن أبوه يا محمد فصمت فلم يجيبهما شيئا فأنزل الله في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم كله صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها فافتتح السور بتنزيه نفسه مما قالوه وتوحيده إياهم بالخلق والامر لا شريك له فيه وردا عليهم ما ابتدعوا من الكفر وجعلوا معه من الأنداد واحتجاجا عليهم بقولهم في صاحبهم ليعرفهم بذلك ضلالتهم فقال ألم الله لا إله الا هو الحي القيوم أي ليس معه غيره شريك في أمره الحي الذي لا يموت وقد مات عيسى في قولهم القيوم القائم على سلطانه لا يزول وقد زال عيسى وقال ابن إسحاق حدثني محمد بن سهل ابن أبي امامة قال لما قدم أهل نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن عيسى بن مريم نزلت فيهم فاتحة آل عمران إلى رأس الثمانين منها وأخرجه البيهقي في الدلائل * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع قال النصارى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاصموه في عيسى بن مريم وقالوا له من أبوه وقالوا على الله والكذب والبهتان فقال لهم النبي صلى عليه وسلم ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد الا وهو يشبه أباه قالوا بلى قال ألستم تعلمون ربنا حي لا يموت وان عيسى يأتي عليه الفناء قالوا بلى قال ألستم تعلمون ان ربنا قيم على كل شئ يكلؤه ويحفظه ويرزقه قالوا بلى قال فهل يملك عيسى من ذلك شيئا قالوا لا قال أفلستم تعلمون لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء قالوا بلى قال فهل يعلم عيسى من ذلك شيئا الا ما علم قالوا لا قال فان ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء ألستم تعلمون ان ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث قالوا بلى قال ألستم تعلمون ان عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها ثم غذي كما تغذي المرأة الصبى ثم كان يأكل الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث قالوا بلى قال فكيف يكون هذا كما زعمتم فعرفوا ثم أبو الا جحودا فأنزل الله ألم الله لا إله الا هو الحي القيوم * وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود انه كان يقرؤها القيام * وأخرج ابن جرير عن علقمة انه قرأ الحي القيوم * وأخرج الفرياني وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه قال لما قبله من كتاب أو رسول * وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن مصدقا لما بين يديه يقول من البينات التي أنزلت على نوح وإبراهيم وهود والأنبياء * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله نزل عليك الكتاب قال القرآن مصدقا لما بين يديه من الكتب التي قد خلت قبله وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس هما كتابان أنزلهما الله فيهما بيان من الله وعصمة لمن أخذ به وصدق به وعمل بما فيه وأنزل الفرقان هو القرآن فرق به بين الحق والباطل فأحل فيه حلاله وحرم فيه حرامه وشرع فيه شرائعه وحد فيه حدود وفرض فيه فرائضه وبين فيه بيانه وأمر بطاعته ونهى عن معصيته * وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير وأنزل الفرقان أي الفصل بين الحق والباطل فيما اختلف فيه الأحزاب من أمر عيسى وغيره في قوله ان الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام أي ان الله منتقم ممن كفر بآياته بعد علمه بها ومعرفة بما جاء منه فيها وفى قوله ان الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء أي قد علم ما تريدون وما تكيدون وما يضاهون بقولهم في عيسى إذ جعلوه ربا وإلها وعندهم من
(٣)