الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٤٧٨
اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها وبالثالث وجوه تحسين الكلام وهذه العلوم الثلاثة هي علوم البلاغة وهي من أعظم أركان المفسر لأنه لا بد له من مراعاة ما يقتضيه الإعجاز وإنما يدرك بهذه العلوم 6320 قال السكاكي اعلم أن شأن الإعجاز عجيب يدرك ولا يمكن وصفه كإستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها وكالملاحة ولا طريق إلى تحصيله لغير ذوي الفطر السليمة إلا التمرن على علمي المعاني والبيان 6321 وقال ابن أبي الحديد اعلم أن معرفة الفصيح والأفصح والرشيق والأرشق من الكلام أمر لا يدرك ألا بالذوق ولا يمكن إقامة الدلالة عليه وهو بمنزلة جاريتين إحداهما بيضاء مشربة بحمرة دقيقة الشفتين نقية الثغر كحلاء العينين أسيلة الخد دقيقة الأنف معتدلة القامة والأخرى دونها في هذه الصفات والمحاسن لكنها أحلى في العيون والقلوب منها ولا يدرى سبب ذلك ولكنه يعرف بالذوق والمشاهدة ولا يمكن تعليله وهكذا الكلام نعم يبقى الفرق بين الوصفين أن حسن الوجوه وملاحتها وتفضيل بعضها على بعض يدركه كل من له عين صحيحة وأما الكلام فلا يدرك إلا بالذوق وليس كل من اشتغل بالنحو واللغة والفقه يكون من أهل الذوق وممن يصلح لإنتقاد الكلام وإنما أهل الذوق هم الذين اشتغلوا بعلم البيان وراضوا أنفسهم بالرسائل والخطب والكتابة والشعر وصارت لهم بذلك دربة وملكه تامة فإلى أولئك ينبغي أن يرجع في معرفة الكلام وفضل بعضه على بعض 6322 وقال الزمخشري من حق مفسر كتاب الله الباهر وكلامه المعجز أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه والبلاغة على كمالها وما وقع به التحدي سليما من القادح 6323 وقال غيره معرفة هذه الصناعة بأوضاعها هي عمدة التفسير المطلع على عجائب كلام الله تعالى وهي قاعدة الفصاحة وواسطة عقد البلاغة 6324 الثامن علم القراءات لأن به يعرف كيفية النطق بالقرآن وبالقراءات يترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض 6325 التاسع أصول الدين بما في القرآن من الآيات الدالة بظاهرها على ما
(٤٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 473 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 ... » »»