الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٢
5231 وقد غلط أبو العلاء محمد بن غانم في قوله لم يقع منه في القرآن شيء لما فيه من التكلف وقال إن القرآن إنما ورد على الاقتضاب الذي هو طريقة العرب من الانتقال إلى غير ملائم وليس كما قال ففيه من التخلصات العجيبة ما يحير العقول 5232 وانظر إلى سورة الأعراف كيف ذكر فيها الأنبياء والقرون الماضية والأمم السالفة ثم ذكر موسى إلى أن قص حكاية السبعين رجلا ودعائه لهم ولسائر أمته بقوله * (واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة) * وجوابه تعالى عنه ثم تخلص بمناقب سيد المرسلين بعد تخلصه لأمته بقوله * (قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين) * من صفاتهم كيت وكيت وهم الذين يتبعون الرسول النبي الأمي وأخذ في صفاته الكريمة وفضائله 5233 وفي سورة الشعراء حكى قول إبراهيم * (ولا تخزني يوم يبعثون) * فتخلص منه إلى وصف المعاد بقوله * (يوم لا ينفع مال ولا بنون) * الخ 5234 وفي سورة الكهف حكى قول ذي القرنين في السد بعد دكه الذي هو من أشراط الساعة ثم النفخ في الصور وذكر الحشر ووصف مآل الكفار والمؤمنين 5235 وقال بعضهم الفرق بين التخلص والاستطراد أنك في التخلص تركت ما كنت فيه بالكلية وأقبلت على ما تخلصت إليه وفي الاستطراد تمر بذكر الأمر الذي استطردت إليه مرورا كالبرق الخاطف ثم تتركه وتعود إلى ما كنت فيه كأنك لم تقصده وإنما عرض عروضا قيل وبهذا يظهر أن ما في سورتي الأعراف والشعراء من باب الاستطراد لا التخلص لعوده في الأعراف إلى قصة موسى بقوله * (ومن قوم موسى أمة) * إلى آخره وفي الشعراء إلى ذكر الأنبياء والأمم 5236 ويقرب من حسن التخلص الانتقال من حديث إلى آخر تنشيطا للسامع مفصولا بهذا كقوله في سورة ص بعد ذكر الأنبياء * (هذا ذكر وإن للمتقين) *
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»