التمني ولعل في تأكيد الترجي وضمير الشأن وضمير الفصل وإما في تأكيد الشرط وقد والسين وسوف والنونان في تأكيد الفعلية ولا التبرئة ولن ولما في تأكيد النفي وإنما يحسن تأكيد الكلام بها إذا كان المخاطب به منكرا أو مترددا 4664 ويتفاوت التأكيد بحسب قوة الإنكار وضعفه كقوله تعالى حكاية عن رسل عيسى إذ كذبوا في المرة الأولى * (إنا إليكم مرسلون) * فأكد بأن وإسمية الجملة وفي المرة الثانية * (قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون) * فأكد بالقسم وإن واللام وإسمية الجملة لمبالغة المخاطبين في الإنكار حيث قالوا * (ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون) * 4665 وقد يؤكد بها والمخاطب به غير منكر لعدم جريه على مقتضى إقراره فينزل منزلة المنكر وقد يترك التأكيد وهو معه منكر لأن معه أدلة ظاهرة لو تأملها لرجع عن إنكاره وعلى ذلك يخرج قوله * (ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون) * أكد الموت تأكيدين وإن لم ينكر لتنزيل المخاطبين لتماديهم في الغفلة تنزيل من ينكر الموت وأكد إثبات البعث تأكيدا واحدا وإن كان أشد نكيرا لأنه لما كانت أدلته ظاهرة كان جديرا بأن لا ينكر فنزل المخاطبون منزلة غير المنكر حثا لهم على النظر في أدلته الواضحة ونظيره قوله تعالى * (لا ريب فيه) * نفى عنه الريبة ب (لا) على سبيل الاستغراق مع أنه ارتاب فيه المرتابون لكن نزل منزلة العدم تعويلا على ما يزيله من الأدلة الباهرة كما نزل الإنكار منزلة عدمه لذلك 4666 وقال الزمخشري بولغ في تأكيد الموت تنبيها للإنسان على أن يكون الموت نصب عينيه ولا يغفل عن ترقبه فإن مآله إليه فكأنه أكدت جملته ثلاث مرات لهذا المعنى لأن الإنسان في الدنيا يسعى فيها غاية السعي حتى كأنه يخلد ولم يؤكد جملة البعث إلا بأن لأنه أبرز في صورة المقطوع به الذي لا يمكن فيه نزاع ولا يقبل إنكارا
(١٧٤)